تنشيط اقتصادي يهدده التضخم
كثيرة هي الزوايا التي يمكن أن تقرأ بها أرقام ميزانية السعودية 2024، لكن الرقم الذي يمكن أن يظهر توجه ورؤية الحكومة لشكل الاقتصاد في العام المقبل يظهر جليا في قيمة الإنفاق أو المصروفات.
اختارت الحكومة مرة أخرى رفع قيمة الإنفاق ليكون أعلى من الإيرادات (الأمر الذي يوجد عجزا في الميزانية) وذلك في للاستمرار في تنشيط الاقتصاد وتمويل المشاريع الضخمة المعلن عنها.
اقتصاديا يمثل الصرف الحكومي المرتفع، والتوسع في الإنفاق، توجها لا تخطئه العين نحو دعم النمو وتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، إذ بـ 1251 مليار ريال من الإنفاق الحكومي ينتظر أن يكون عام 2024 مزدهرا على صعيد الأعمال في دورته الكاملة، من المشاريع المليارية الضخمة إلى الأعمال التجارية البسيطة، إذ أنه من المعروف أن أي إنفاق حكومي يسفر عن تألق ملحوظ لعالم الأعمال والتجارة.
ورغم أن هذا الرقم أقل بنحو 25 مليار ريال من رقم الإنفاق في 2023 إلا أنه أعلى بنحو 200 مليار ريال من الأعوام 2019 و 2020 و2021.
نعود لسؤالنا الآن..
هل الصرف الحكومي المرتفع مفيد لرائد الأعمال؟
الإنفاق الحكومي ضمن ميزانية الدولة يؤثر بشكل كبير على الشركات المحلية بطرق مختلفة، اخترنا في قيود ثلاثة من أهمها:
زيادة الطلب:
عندما تنفق الحكومة المزيد على السلع والخدمات (مشاريع البنية التحتية، والدفاع، والرعاية الصحية، وما إلى ذلك)، فإنها يمكن أن تعزز الطلب الإجمالي في الاقتصاد. وقد تستفيد الشركات المحلية من زيادة الطلبات أو العقود المتعلقة بهذه المشاريع الحكومية، مما يؤدي إلى ارتفاع المبيعات والإيرادات.
خلق فرص العمل:
الإنفاق الحكومي على برامج مثل الأشغال العامة أو الخدمات الاجتماعية أن يخلق فرص عمل بشكل مباشر. وهذا بدوره يمكن أن يؤثر بشكل إيجابي على الشركات المحلية حيث زيادة التوظيف تعني زيادة الإنفاق الاستهلاكي، مما يفيد مختلف الصناعات.
ثقة المستهلك:
يمكن أن يؤثر الإنفاق الحكومي على ثقة المستهلك. عندما يرى الناس أن الحكومة تستثمر في الاقتصاد، قد يشعرون بمزيد من الأمان بشأن مستقبلهم المالي، مما يؤدي إلى زيادة الإنفاق على السلع والخدمات من الشركات المحلية.
أين يكون الحذر؟
الحذر يكون في الإنفاق المبالغ فيه أو الرغبة في تنفيذ كل المشاريع والاستراتيجيات دفعة واحدة، إذ سيزيد هذا من ضغوط التضخم الكبيرة التي بالكاد بدأ العالم يتخلص منها، واستطاعت السعودية خصوصا بلوغ مستويات متميزة فيه قياسا بالدول المجاورة.
السعودية أكدت مراجعة الجدول الزمني لبعض المشاريع، ونتيجة لذلك، سيتم تسريع بعضها، والبعض الآخر يتم منحها إطارا زمنيا أطول للتنفيذ.
محللون اقتصاديون وماليون أكدوا أن توزيع تنفيذ المشاريع على أطر زمنية مختلفة أمر إيجابي من الناحية المالية، خاصة على خلفية الانخفاض النسبي في دخل النفط الحالي مع زيادة الضغط على الخدمات اللوجستية والتي جعلت تأخير بعض المشاريع أمرا لا مفر منه”.
باختصار شديد، الصرف والإنفاق الحكومي مفيد لكل الأنشطة التجارية ولكل رواد الأعمال، القلق فقط يكمن في المخاوف من التضخم، وهو في الحالة السعودية ما زال عند مستويات مقبولة.
كما أشارت الحكومة أن التسارع في المشاريع بجميع أهدافها واجهها تحدي كبير وهو توفر الكفاءات، فأظهر شح الكفاءات وكثرة المشاريع إلى حاجة ماسة إلى عدد أكبر من العاملين في جميع التخصصات بمقابل أن السوق لا يضم العدد الكافي منه.