نستعرض في قيود في ملف شهري كيف يتطور الذكاء الاصطناعي.
وفي الحقيقة أن هذا المجال يتحرك يوميا، وفي عمر التقنيات قد تبدو فترة شهر قصيرة نوعا ما لكنها في حال هذه القادم الواعد من جهة، والمجهول من جهة أخرى فترة قصيرة جدا.
التطورات تنوعت بين سلبية وإيجابية، الضرر الأكبر كان على الوظائف كما هو متوقع.
فهو يتقدم نحو وظائف مهمة كالطب، فقراءته للتقارير التي يعدها الأطباء والتنبؤ بدقة بمخاطر الوفاة ودخول المستشفى مجدداً والمضاعفات المحتملة الأخرى.
لكنه أيضا بالكاد يحصل على درجة “مقبول” في اختبار الفلسفة
وهو يسجل أغنية للبيتلز الغائبة منذ عقود لكنه يواجه بأن التكريم مقصور على الإبداع البشري فقط، وترصد أدوات خاصة لكشف أي تدخل له في مجال الإبداع.
تطورات مهمة حصلت خلال شهر فقط نضعها على هيئة عناوين كالتالي:
التكريم للإبداع البشري.. لا مكان الذكاء الاصطناعي
أعلنت الأكاديمية الوطنية لتسجيل الفنون والعلوم التي تمنح جوائز جرامي الموسيقية أن “المبدعين من البشر هم المؤهلون فقط ” لنيل جوائزها في مسعى للحد من استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا القطاع الفني.
ومنعت الأكاديمية الأعمال التي ألفها الذكاء الاصطناعي بالكامل لكن بعض الموسيقى التي تم تأليفها بمساعدته قد تتأهل في بعض الفئات وقالت “العمل الذي لا يحتوي على أي تأليف بشري ليس مؤهلا للترشح لأي فئة”.
وعلى مؤلفي الموسيقى الآن المساهمة بما لا يقل عن 20 بالمئة من الألبوم لنيل ترشيح.
ومن قبل، كان من الممكن لأي منتج، أو كاتب أغاني أو مهندس صوت أو فنان في ألبوم موسيقي الحصول على ترشيح حتى إن كانت مساهمته محدودة.
وتزايدت تطبيقات الذكاء الاصطناعي مما سمح لمستخدمين بتحريك الصور الثابتة وتنفيذ خدع في الأفلام وكتابة الأغاني والمقالات بما هدد باستبدال البشر في عدة وظائف.
خطة أوروبية.. الكشف عن أي محتوى ابتكره الذكاء الاصطناعي
أقر مشرعون في الاتحاد الأوروبي تعديلات على مسودة لقواعد الذكاء الصناعي لتشمل حظرا على استخدامه في رصد القياسات الحيوية وإلزام مستخدمي أنظمته التوليدية مثل (تشات جي.بي.تي) بالكشف عن المحتوى الناتج عنها.
ودفعت سرعة تبني تطبيق (تشات جي بي تي)، الذي طورته شركة (أوبن إيه.آي) المدعومة من مايكروسوفت، وغيره من برامج الذكاء الصناعي كبار علمائه ورؤساء شركات تنفيذيين إلى التحذير من المخاطر المحتملة التي قد يتعرض لها المجتمع جراءه.
قال براندو بينيفي، المقرر المشارك لمشروع القانون “بينما تدق شركات التكنولوجيا الكبرى جرس الإنذار بشأن إبداعاتها، مضت أوروبا قدما واقترحت استجابة قوية للمخاطر التي بدأ يشكلها الذكاء الصناعي”.
ومن بين التعديلات الأخرى، يريد المشرعون في الاتحاد الأوروبي من الشركات أن تكشف عن أي مواد محمية بحقوق الملكية الفكرية تستخدمها في تدريب أنظمتها للذكاء الصناعي وأن تقدم الشركات التي تعمل على “تطبيق عالي الخطورة” تقييما لتأثيره على الحقوق الأساسية والبيئة.
وسيتعين على مستخدمي أنظمة مثل (تشات جي بي تي) الكشف عن أن المحتوى ابتكره الذكاء الصناعي، والمساعدة في التمييز بين الصور المزيفة والحقيقية وضمان الحماية من المحتوى غير القانوني.
“تشات جي بي تي” دخل في الركود.. سيصبح من الماضي لصالح نماذج جديدة
رأى مسؤول رفيع المستوى في شركة “ميتا” أن الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وهو التقنية التي يستند إليها برنامج “تشات جي بي تي”، بات أصلاً في مرحلة ركود، واعداً بنموذج جديدة للذكاء الاصطناعي أقرب إلى الذكاء البشري.
وقال المدير العلمي للذكاء الاصطناعي في “ميتا” يان لوكون، في تصريح للصحافيين، إنّ “الذكاء الاصطناعي الراهن والتعلم الآلي عديما الفائدة”، مضيفاً أن “البشر يتحلّون بالمنطق بينما الآلات تفتقر لذلك”.
وكان لوكون يتحدث على هامش حدث مُقام في باريس في وقت عرضت فيه “ميتا” نموذجاً جديداً للذكاء الاصطناعي مُسمى “Image Joint Embedding Predictive Architecture” (I-JEPA).
وأوضحت “ميتا” أن هذه التقنية الحاسوبية “تتعلّم (…) من خلال إنشاء نموذج داخلي للعالم الخارجي عبر مقارنة عروض تجريدية للصور (بدل مقارنة عناصر الصور نفسها).
وراهناً، تعتمد برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي كـ “تشات جي بي تي”أو “بارد” على نماذج لغوية مدرّبة على قواعد بيانات ضخمة لتتمكن من التنبؤ بالكلمة التي يُفترض أن تلي الأخرى حتى إنشاء مختلف أنواع النصوص (أطروحات، قصائد…).
وتعمل برامج بينها “دال-ايه” و”ميدجورني” استناداً إلى المبدأ نفسه لإنتاج صور.
وقال لاكون “إنّ ما جرى التوصل إليه هو ثورة أصلاً”، مضيفاً “إذا جرى تدريب نموذج باستخدام ألف أو ألفي مليار رمز، فسيبدو أنه قادر على الفهم، لكنّه في الواقع يرتكب أخطاء غبية أو منطقية”.
وأشارت “ميتا” في بيان إلى أنّ “الأساليب التوليدية تركّز كثيراً على التفاصيل، بدل التقاط مفاهيم شاملة قابلة للتنبؤ بها”، وتواجه تالياً صعوبة في “إنشاء صور التقطها بشر بطريقة دقيقة”.
وأكّد رئيس “ميتا” مارك زاكربرغ، في صفحته الشخصية عبر فيسبوك، أنّ الهدف الكامن وراء هذه التقنية يتمثل في ابتكار تقنية للذكاء الاصطناعي “تعكس بصورة أفضل الطريقة التي يفهم البشر من خلالها العالم”.
وأشار لوكون إلى أنّ “النماذج التوليدية باتت من الماضي”، مضيفاً “سنتخلى عنها لصالح تقنيات تنبؤية”، على غرار النموذج الذي عرضته المجموعة الأميركية والتي ستكون مُتاحة لأي باحث يرغب في اختبارها.
الذكاء الاصطناعي.. أمل قادم في حياة ذوي الإعاقة
ليس الذكاء الاصطناعي مجرّد أداة يتسلى الناس بأخبارها وابتكاراتها.
بل تحمل كذلك أملاً بتغيير جذري في حياة ذوي الإعاقة إذ تتيح لهم استقلالية أكبر من خلال التطور في مجال التعرف على الصور، وتُمكّنهم أيضاً من الاستعادة الجزئية لوظائف فقدوها كالكلام أو المشي.
في نهاية مايو، تمكّن شخص مُصاب بشلل نصفي في فقرات من رقبته، للمرة الأولى من استعادة السيطرة طبيعياً على المشي من خلال التفكير، وذلك بفضل دمج تقنيتين تعيدان الاتصال بين الدماغ والحبل الشوكي.
وتأمل شركة “نيورالينك” التي أطلقها الملياردير إيلون ماسك في العام 2016، في إعادة الاستقلالية للأشخاص المصابين بالشلل عن طريق غرسات دماغية، قبل توصيل الدماغ البشري على آلات.
ووافقت السلطات الصحية الأميركية في نهاية مايو على إجراء اختبارات أولى على البشر.
وفي تقدّم أقل إبهاراً لكنه بالأهمية نفسها، باتت منتجات استهلاكية كالهواتف الذكية تتحوّل إلى عكازات يومية بفضل تقنية الذكاء الاصطناعي.
وبفضل كاميراتها، تملك أجهزة “آيفون” و”أندرويد” تطبيقات لتحديد الأشخاص ووصف الأغراض الموجودة في محيطهم، وتحمل إفادةً في عثور حامل الهاتف مثلاً على أقرب باب منه أو على زر المايكروويف.
وكانت شركة “آبل” أعلنت في مايو عن ميزة “لايف سبيتش” التي تتيح للشخص التعبير عن نفسه كتابياً خلال المحادثات الهاتفية أو التي تتم عبر الفيديو، مع تفريغ نصي لما يقوله بالصوت، يظهر لدى الطرف الآخر من المكالمة.
أما بالنسبة إلى الأشخاص المعرضين لخطر فقدان القدرة على التحدث بسبب مرض تنكس عصبي، فتَعِد “آبل” بإنتاج نبرة مماثلة لأصواتهم بعد تدريب لـ15 دقيقة .
وتقول المسؤولة في الشركة سارة هيرلينغر أنّ “آبل” تعلّق أهمية كبيرة منذ البداية على مسألة إتاحة منتجاتها لمختلف الناس، مضيفةً “كنّا أوّل مَن أطلق قارئ الشاشة التي تعمل باللمس عام 2009”.
وفي حديث إلى وكالة فرانس برس، تقول مديرة إتاحة المنتجات لدى “غوغل” إيف أندرسون “في غوغل، نحاول حالياً الترويج للذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يحمل وعوداً كثيرة متعلقة بمسألة الإتاحة” وتحديداً في ما يخص الاضطرابات المعرفية.
ويتمثل أحد الأهداف في الوصول إلى حلول تساعد الأشخاص الذين يعانون عسراً في القراءة على القراءة، كملخصات نصية آلية أو اقتراحات لردود على رسائل بريدية.
وبفضل برنامج الذكاء الاصطناعي الذي ابتكرته شركة “غوغل ديبمايند”، يتيح تطبيق “لوك أوت” الداعم للرؤية للمستخدم بالاستعلام عن محتوى أي صورة من جهازه.
ويشير رئيس قسم إتاحة المنتجات لدى جمعية فالنتين هاي إنّ “الحلول التي يقترحها الذكاء الاصطناعي” يُرجَّح أن توفر استقلالية كبيرة للمكفوفين ومَن يعانون مشاكل في بصرهم، ويتم اعتمادها أحياناً من دون إدراك ذلك حتى”.
ويتيح تطبيق “سيينغ ايه آي” من “مايكروسوفت” للمستخدم مثلاً “اكتشاف محتوى صورة بأصابعه، وهي مسألة مثيرة للاهتمام عند مشاركة صورة ما عبر مجموعة في واتساب، إلا أنّ الناس لا يدركون دائماً أن ذلك بفضل الذكاء الاصطناعي”.
وتتزايد المبادرات في ظل معاناة أكثر من 15% من سكان العالم شكلاً من أشكال الإعاقة.
وتبتكر شركة “سونار فيجن” الفرنسية الناشئة تقنية لتوجيه الأشخاص الذين يعانون ضعف البصر في مدن معينة. ويقول مانويل بيريرا “إذا اعتمدنا نموذجاً اقتصادياً يركّز على تحقيق الأرباح، فقد يُغلَق الباب بأسرع مما فُتح”.
الفلاسفة ليسوا في خطر.. “تشات جي بي تي” يحصل على مقبول في اختبار الفلسفة
أنتج برنامج “تشات جي بي تي” بعدما دُرّب لإنشاء مقالة فلسفية، نسخة عن موضوع فلسفي حصلت على درجة “مقبول” ضمن مرحلة الثانوية في فرنسا، على ما أظهرت تجربة أُجريت في باريس.
وتمثّل السؤال الذي استند إليه البرنامج لإنتاج مقالة في ما إذا كان الفرح مسألة عقلانية.
وكان “تشات جي بي تي” في مواجهة مع الفيلسوف رافاييل إنثوفن ضمن “مسابقة” نظمتها مدرسة متخصصة في التجارة والتكنولوجيا.
ونال “تشات جي بي تي” علامة 11/20 بينما حصل إنثوفن على 20/20.
ورأت أبيكاسي أنّ تقييم النسختين يُظهر من الكلمات الأولى هوية كاتب كل مقالة.
وقال أحد مقيمي الاختبار “لم تُطرح في نسخة تشات جي بي تي أي إشكالية (…) فالمقالة عبارة عن جمل طويلة جداً، وليس هناك من محتوى ولا يفهم القارئ الحجج (…) ثمة اقتباسات لمحاولة النجاح”.
وأضاف “إنها ليست فلسفة قط، فهذه المادة لا تعني كتابة جمل جميلة”، موضحاً أنّ “القسم المُشار فيه إلى المؤلفين ضعيف جداً لأنه يحوي أخطاء كثيرة”.
وحرصت الجهة المنظمة، وهي مدرسة باريس للتكنولوجيا والأعمال، على تنقيح السؤال لطرح الأشكال الكلاسيكية من المقالة على البرنامج. واقتُرحت على “تشات جي بي تي” كذلك أسماء الكتّاب الذين قد يستعين باقتباسات لهم.
واختار البرنامج كلاً من أرسطو وكانط وفرويد ونيتشه وكامو، بمراجع مبهمة ومختصرة.
وظهرت في مقالة “تشات جي بي تي” أفكار جريئة، لكن بما أنّه دُرّب ليكون موضوعيا لم يتطرق قط إلى الإشكالية.
وجاء في خاتمة موضوعه “ليس هناك من إجابة عالمية، بل عدد لا يحصى من المسارات نحو السعادة (…) يمكن أن تكون السعادة مسألة عقلانية… وأكثر من ذلك”.
ورأى إنثوفن أنّ الفلاسفة هم من الأشخاص الذين لا يُحتمل بصورة كبيرة أن يتم استبدالهم بالذكاء الاصطناعي.
لكن الأطباء ليسوا في مأمن.. تفوق عليهم في توقع المضاعفات الطبية
سبق للذكاء الاصطناعي أن أثبت قدرته على تحليل صور الأجهزة الطبية، وعلى النجاح في اختبارات طلاب الطب… أما الآن، فحان دور أداة جديدة قائمة على الذكاء الاصطناعي لإثبات قدرتها على قراءة التقارير التي يعدها الأطباء والتنبؤ بدقة بمخاطر الوفاة ودخول المستشفى مجدداً والمضاعفات المحتملة الأخرى.
وتولى ابتكار البرنامج فريق من كلية غروسمان للطب التابع لقسم لانغون للدراسات الصحية في جامعة نيويورك، ويخضع البرنامج للاختبار راهناً في عدد من المستشفيات الشريكة للجامعة بهدف تعميم استخدام هذه التقنية في في الوسط الطبي مستقبلاً.
ونُشرت الأربعاء في مجلة “نيتشر” العلمية دراسة عن المنافع التي يمكن أن تتأتى عن الاستعانة بهذا البرنامج.
وأوضح المعدّ الرئيسي للدراسة، جراح الأعصاب ومهندس الكمبيوتر في كلية الطب في نيويورك إريك أورمان، أن النماذج التنبؤية غير القائمة على الذكاء الاصطناعي موجودة منذ مدة طويلة، إلا أن استخدامها محدود عملياً كون التصرف بالبيانات عملية ثقيلة.
ولاحظ في حديث لوكالة فرانس برس أن “الأمر المشترَك في العمل الطبي اينما كان هو أن الأطباء يدونون ملاحظات عما يرونه وعما يتحدثون عنه مع المرضى”.
وأوضح أن فكرة الباحثين الأساسية تمثلت في “معرفة ما إذا كان ممكناً الاستناد إلى الملاحظات الطبية كمصدر للبيانات، وبناء نماذج تنبؤية منها”.
وتم تشكيل نموذج التوقعات المسمى “نيوترون” (NYUTron) انطلاقاً من ملايين الملاحظات الطبية التي تتضمنها ملفات 387 الف مريض عولجوا بين يناير 2011 ومايو 2020 في المستشفيات المرتبطة بجامعة نيويورك.
وشملت هذه الملاحظات تقارير الأطباء المكتوبة، والملاحظات عن تطور وضع المريض، وصور الأشعة السينية والأجهزة الطبية، والتوصيات المقدمة للمرضى عند مغادرتهم المستشفى، ويبلغ إجمالي الكلمات التي تتضمنها 4,1 مليارات.
كان أبرز تحديات البرنامج النجاح في تفسير اللغة التي يستخدمها الأطباء، إذ أن لكلٍّ منهم مصطلحاته التي تختلف بشكل كبير عن الآخر وخصوصاً لجهة الاختصارات.
كذلك اختبروا الأداة في ظروف حقيقية، لا سيما من خلال تدريبها على تحليل تقارير مأخوذة من مستشفى في مانهاتن، ثم مقارنة النتائج بنتائج مستشفى في بروكلين لمرضى مختلفين.
ومن خلال درس ما حدث للمرضى فعلياً، تمكن الباحثون من قياس عدد المرات التي صحّت فيها تنبؤات البرنامج.
وجاءت النتيجة مدهشة، إذ تبيّن أن برنامج “نيوترون” تمكّن من التنبؤ قبل خروج المرضى من المستشفيات الشريكة بوفاة 95 في المئة ممن فارقوا الحياة بالفعل لاحقاً.
وصحّت توقعاته في شأن 80 في المئة من أولئك الذين أعيد إدخالهم إلى المستشفيات بعد أقل من شهر على خروجهم منها.
واتسمت هذه النتائج بدقة تَفوق توقعات معظم الأطباء وتتجاوز أيضاً توقعات النماذج المعلوماتية غير القائمة على الذكاء الاصطناعي المستخدمة راهناً.
إلا أن المفاجأة كانت أنّ طبيباً ذا خبرة كبيرة، ويحظى باحترام واسع في الوسط الطبي، أعطى توقعات “أفضل حتى من تلك التي أعطاها البرنامج”، على ما شرح إريك أورمان.
كذلك نجح البرنامج بنسبة 79 في المئة في توقع مدة بقاء المرضى في المستشفى، وبنسبة 87 في المئة في توقع حالات امتناع الجهات الضامنة وشركات التأمين عن تغطية نفقات الرعاية الطبية التي دفعها المرضى، وبنسبة 89 في المئة في توقع الحالات التي عانى فيها المرضى مشاكل صحية إضافية.
وشدد الدكتور أورمان على أن الذكاء الاصطناعي لن يحل أبداً محل العلاقة بين المريض والطبيب، لكنه قد يتيح “توفير مزيد من المعلومات (…) للأطباء لتمكينهم من اتخاذ قرارات مستنيرة”.
ويعوّض نقص الموظفين في الفنادق السويسرية
إذا كان كثر يخشون أن ينافسهم الذكاء الاصطناعي على وظائفهم أو أن يُغني عنها، فإن الفنادق السويسرية قد تستعين به لتعويض النقص المزمن في عدد العاملين.
ويتوقع المسؤولون المشاركون في قمة الفنادق في زوريخ تسجيل إقبال كبير خلال موسم الصيف مع عودة حركة السفر إلى سابق عهدها.
إلا أن الصعوبة الأبرز التي يواجهونها تتمثل في تأمين ما يلزمهم من موظفين في ظل النقص في الطهاة وموظفي التنظيف وخدمة مساعدة النزلاء (أو “الكونسيرج”).
في جناح “أفاتاريون تكنولوجيز”، يتولى رئيس الشركة التي توفر خصوصاً روبوتات لنقل الصحون، تقديم شرح عن روبوتين بشريي الشكل، طول كل منهما متر وعشرون سنتيمتراً، مخصصين لاستقبال الزبائن في قاعة المدخل، ويستخدم أحدهما برنامج “تشات جي بي تي”.
وعندما سئل أحدهما، وهو مبرمج أصلاً لإعطاء النزلاء معلومات عن جداول أوقات رحلات القطارات والطائرات، “من أين يمكن طلب القهوة؟”، اكتفى في رده بالتذكير بأنه “مجرد روبوت” ولا يستطيع تالياً “إعداد القهوة”.
إلا أن الثاني الذي يستخدم “تشات جي بي تي”، ما لبث بعد بحث قصير أن وجد الحل. وبعدما أجاب هو أيضاً بأنه لا يجيد إعداد القهوة، أَلحَقَ رده فوراً بعبارة أخرى “لكن يمكنني أن أخبرك أين تشتري فنجان قهوة”.
ويشرح مؤسس “أفاتاريون” جان كريستوف غوستانيان لوكالة فرانس برس أن الوصول إلى ذلك استلزم المرور بـ”التعلم الآلي” أي “تعليم الروبوت المتغيرات المختلفة للسؤال” و”الإجابات التي يمكن أن يقدمها”.
ويلاحظ أن “تشات جي بي تي” يوفر للروبوت “شكلاً من الذكاء” يتيح مثلاً له العثور على إجابة عن ماهية “التدليك بالألوفيرا” الذي يقدمه الفندق، فضلاً عن “فهم أفضل للغة”.
ويضيف “يمكنني التحدث إليه بالفرنسية والإنكليزية والألمانية والصينية، وسيفهم”.
وبذلك سيكون الروبوت قادراً على مساعدة “الكونسيرج” في التواصل مع نزلاء من جنسيات مختلفة.
وإلى جانب أجنحة للشركات التي تزوّد الفنادق الصابون أو الأثاث أو معدات قاعات اللياقة البدنية، يضم المعرض عدداً من المنصات المخصصة لحلول تكنولوجية تتيح إدارة أفضل للفنادق والحجوزات.
ولجهة الفندق، يُفترض أن يتيح تراكم البيانات التي يجمعها هذا التطبيق مع الوقت، إمكانية التنبؤ بصورة أفضل بتطلّعات الزبائن وتصرفاتهم، كـ”الساعة التي ستكون فيها الغرفة مُتاحة” و”تنظيم عملية التنظيف بشكل أفضل” و”خفض درجة الحرارة أوتوماتيكياً” بمجرد مغادرة الزبون لخفض فاتورة الطاقة، على ما يوضح غوستانيان.
ورغم الأسعار المرتفعة جداً في سويسرا، إلا أنّ “هوامش الربح في القطاع منخفضة جداً”، مما “يحد من إمكانية زيادة الرواتب”، على قول الأستاذ في جامعة سانت غال والمتخصص في المسائل السياحية كريستيان ليسير.
وفي حديث إلى وكالة فرانس برس، يقول بيار-أندريه ميشو، وهو صاحب فندق من 36 غرفة في إيفردون ليه بان إنّ “موظف استقبال في سويسرا ينال راتباً أعلى بثلاث مرات مما يُدفَع له في فرنسا أو ألمانيا.
إلا أنّ أسعاري لا يمكن أن تكون أعلى بثلاث مرات”.
ويدعو أصحاب الفنادق إلى التفكير في “حلول تكنولوجية متاحة لهم” للمهام الآلية، ليكون أمام الموظفين مزيد من الوقت حتى يركّزوا على عملية التواصل مع الزبائن. ويقول: “ستُحدث التنولوجيا تغييرات كبيرة بعد عشر سنوات، وأنا متأكّد من أنّ قطاعنا يمكن أن يستفيد منها”.
تسجيل أغنية للبيتلز بالذكاء الاصطناعي.. و أداة لرصد الموسيقى المطورة باستخدامه
توقع نجم فرقة البيتلز سابقاً بول مكارتني أن تصدر هذه السنة أغنية لم يسبق طرحها لزميله جون لينون، أعيد فيها إنتاج صوت الراحل باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وفي مقابلة بثتها هيئة الإذاعة البريطانية (“بي بي سي”) ، أوضح مكارتني الذي يبلغ قريباً الحادية والثمانين، أن صوت لينون أُخذ من شريط قديم وفُصل عن الموسيقى المرافقة لاستخدامه في تسجيل هذه الأغنية الجديدة.
وأضاف “توصلنا إلى إنجاز ما سيكون آخر تسجيل للبيتلز. كان تسجيلاً أولياً لجون انطلقنا منه”.
واشار مكارتني الذي كان يتحدث في مناسبة افتتاح معرض يضم 250 صورة لفرقة البيتلز في نهاية يونيو التقطها بنفسه عامي 1963 و1964 “انتهينا للتو وستُطرح هذه السنة”.
وشرح قائلاً “نجحنا في تنقية صوت جون بفضل الذكاء الاصطناعي لدمج التسجيل”.
وكانت فرقة البيتلز أعلنت انفصال أعضائها بول مكارتني وجون لينيون وجورج هاريسون ورينغو ستار في أبريل 1970، قبل ستة أشهر من صدور ألبومها “آبي رود”، وشهر من طرح “ليت إتِ بي”.
وأصدرت الفرقة خلال السنوات العشر قبل انفراط عقدها 14 ألبوماً تصدرت المبيعات، وبيعت أكثر من مليار نسخة من أسطواناتها.
ورغم رحيل لينون عام 1980 وهاريسون عام 2001، لا يزال الشغف بالبيتلز قوياً في مختلف أنحاء العالم، وسبق أن مكّنت قدرات الذكاء الاصطناعي عدداً من المعجبين من جمع أعضاء الفرقة مجدداً أو استخدام صوت مكارتني شاباً في أغنيات حديثة له.
ولم يكشف مكارتني عن اسم الأغنية التي أعلن إنجازها، لكن “بي بي سي” رجّحت أن تكون أغنية لحّنها لينون عام 1978 تحمل عنوان “ناو أند ذَن”(Now and Then). وكانت هذه الأغنية مدرجة ضمن شريط كاسيت بعنوان “إلى بول” سجّلها لينون قبل اغتياله في نيويورك عام 1980.
وفي سياق ذي صلة، أعلنت منصة “ديزر” الفرنسية للموسيقى بالبث التدفقي، أنها طورت تكنولوجيا تتيح التعرف إلى الأغنيات التي تستنسخ أصوات نجوم موسيقيين بواسطة الذكاء الاصطناعي.
وقال رئيس “ديزر” جيرونيمو فولغيرا في بيان للمنصة إن “هدفنا هو إزالة المحتويات غير القانونية والقائمة على تزوير، وزيادة الشفافية وتطوير نظام جديد لتوزيع الإيرادات يجازي الفنانين المحترفين على صنع محتويات قيّمة”.
وأضاف “لهذا (…) نطوّر أدوات لرصد المحتويات المطورة بواسطة الذكاء الاصطناعي”.
ولفت فولغيرا إلى أن هذا النظام يرمي أولاً إلى رصد الأغنيات التي تُستخدم فيها “أصوات اصطناعية لفنانين موجودين”.
وأشار إلى أن “هذه المعلومات ستُستخدم لإعلام الفنانين وشركات الإنتاج والمستخدمين بالمحتويات المطورة بواسطة الذكاء الاصطناعي عبر المنصة”، موضحا أن النظام الجديد يسعى إلى “تطوير نموذج دفع قادر على التمييز بين الأنواع المختلفة من الإبداع الموسيقي”.
ويأتي هذا الإعلان في وقت يشهد الذكاء الاصطناعي طفرة سريعة، مُحدثاً تغييرات كبيرة في قطاعات عدة، بينها الموسيقى.
وقد أثار منسق الأسطوانات الفرنسي الشهير دافيد غيتا في منتصف فبراير ضجة كبيرة إثر استخدامه الذكاء الاصطناعي في مقطوعة تحاكي صوت مغني الراب إمينيم في إحدى حفلاته. ولم يطرح غيتا هذا العمل تجارياً، وأوضح لهيئة “بي بي سي” البريطانية أنه سعى من خلال ذلك إلى “فتح النقاش من أجل التوعية” بمحاذير هذه التكنولوجيا الجديدة.
وتتمحور الإشكالية الرئيسية في هذا الموضوع حول الملكية الفكرية وإمكان تطبيقها على صعيد أصوات الفنانين.
ثورة في التعليم.. تأثير “الآلة الحاسبة” يعود
توقع سام ألتمان، رئيس شركة “أوبن إيه آي” الأميركية المطورة لبرنامج “تشات جي بي تي” الشهير، أن يُحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في التعليم مثلما فعلت الآلات الحاسبة، لكنه قال إن هذه التكنولوجيا التي تتقدم بسرعة كبيرة لن تحل محل التعليم.
وقال ألتمان في محاضرة في جامعة كيو في طوكيو “من المحتمل ألا تبقى الواجبات المنزلية بالشكل الذي نعرفه”.
وأضاف “لدينا أداة جديدة للتعليم. إنها أشبه بالآلة الحاسبة على صعيد الكلمات”، و”يجب لطرق تدريس الطلاب وتقويمهم أن تتغير”.
يبهر برنامج “تشات جي بي تي” العالم بقدرته على إنشاء محادثات وكتابات وترجمات شبيهة بما ينجزه البشر في خلال ثوانٍ.
لكنه يثير أيضاً مخاوف في قطاعات عدة، بينها التعليم، إذ يخشى البعض أن يسيء الطلاب استخدام هذه الأدوات ويكفّوا تالياً عن إنتاج أعمال أصلية.
يجري ألتمان حالياً جولة عالمية يلتقي خلالها بقادة شركات وصنّاع قرار لمناقشة الفرص التي يوفرها الذكاء الاصطناعي التوليدي وأيضاً التنظيم المستقبلي لهذه التكنولوجيا.
وأبدى ألتمان الاثنين ثقته إزاء الضمانات المواكبة لتطور هذه التكنولوجيا، لكنه جدد تأكيده وجود مخاوف في هذا السياق.
وأكد أن “الأدوات التي نمتلكها لا تزال بدائية للغاية مقارنة بما سنمتلكه في غضون بضع سنوات”، لافتاً إلى أن “أوبن إيه آي” ستشعر بـ”مسؤولية كبرى” إذا حدث خطأ ما.
وحاول ألتمان مجدداً تهدئة المخاوف من إمكان فقدان الكثير من الوظائف التي يشغلها البشر حالياً بسبب الذكاء الاصطناعي في المستقبل.
وفيما أقر بأن “بعض الوظائف ستختفي”، لفت إلى أن “فئات جديدة” من الوظائف ستظهر في المقابل.
وقال “لا أعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيكون له الأثر الذي يتوقعه الناس على صعيد التوظيف”، مضيفاً “كل التوقعات تقريبا خاطئة”.
الذكاء الاصطناعي يقلق راحة الأحياء.. والأموات أيضا
تتيح شركات ناشئة لزبائنها إمكانية البقاء على اتصال افتراضي مع أشخاص فارقوا الحياة بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي، في مجال لا يزال يلفه غموض كبير ويثير تساؤلات كثيرة.
في فيديو ترويجي، تجلس ريو سون يون أمام ميكروفون وشاشة عملاقة، يظهر فيها زوجها الذي توفي قبل بضعة أشهر. ويقول لها “عزيزتي. هذا أنا”، لتنهمر دموعها وتبدأ ما يشبه الحوار معه.
وبعد علمه بإصابته بسرطان في المراحل النهائية، استعان هذا الكوري الجنوبي البالغ 76 عاما، واسمه لي بيونغ هوال، بشركة “ديب براين إيه آي” التي سجلت مقاطع مصورة له على مدى ساعات لإنجاز نسخة رقمية عنه يمكنها الرد على أسئلة.
يوضح رئيس قسم التطوير في “ديب براين إيه آي” جوزيف مورفي تفاصيل بشأن البرنامج المسمى “ري ميموري”، “نحن لا ننشئ محتوى جديداً”، أي أن هذه التكنولوجيا لا تولّد عبارات لم يكن المتوفى لينطق بها أو يكتبها خلال حياته.
المبدأ نفسه تعتمده شركة “ستوري فايل” التي استعانت بالممثل ويليام شاتنر البالغ 92 عاماً، كوجه ترويجي على موقعها.
يقول ستيفن سميث، رئيس هذه الخدمة التي يستخدمها الآلاف بحسب الشركة، إن “نهجنا يقوم على الاحتفاظ بالسحر الخاص بهذا الشخص لأطول فترة ممكنة” خلال حياته، “ثم استخدام الذكاء الاصطناعي”.
في الصين، تقدم شركات متخصصة في تنظيم الجنازات إمكانية التفاعل افتراضياً مع الأشخاص المتوفين أثناء جنازتهم بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي.
في بداية أبريل، أثار رائد الأعمال والمهندس براتيك ديساي ضجة من خلال دعوته الأشخاص إلى “البدء بالتقاط تسجيلات” بالصوت أو الفيديو “للوالدين وكبار السن والأقارب”، لافتاً إلى أنه اعتباراً من “نهاية هذا العام” سيكون ممكناً إنشاء شخصية افتراضية بتقنية التجسيد الرمزي (أفاتار) لشخص متوفى، وموضحاً أنه يعمل على مشروع في هذا الاتجاه.
وأثارت الرسالة التي نُشرت على تويتر، زوبعة من الانتقادات، ما دفعه إلى التأكيد بعد بضعة أيام أنه ليس “نابش قبور”. وقال “هذه مسألة شخصية للغاية وأنا أعتذر بصدق لأني أذيت أشخاصاً”.
ويوضح ستيفن سميث بشأن “ستوري فايل”، “هذا مجال حساس أخلاقياً ونحن نتخذ احتياطات كبيرة”.
وبعد وفاة صديقها المقرب في حادث سيارة عام 2015، أنشأت المهندسة الروسية يوجينيا كيودا المقيمة في كاليفورنيا، “روبوت محادثة” سمّته رومان على اسم صديقها الراحل، ومدّته بآلاف الرسائل القصيرة التي أرسلها لأقاربه، بهدف إنشاء ما يشبه النسخة الافتراضية عنه.
ثم أطلقت في عام 2017 خدمة “ريبليكا” التي تقدم بعض برامج الدردشة الشخصية الأكثر تطوراً في السوق، والتي يمضي بعض المستخدمين ساعات عدة في التحدث معها يومياً.
لكن على رغم ما حصل مع “رومان”، فإن ريبليكا “ليست منصة مصممة لإعادة استحضار شخص عزيز،” على ما حذرت ناطقة باسم الشركة.
تسعى شركة “سومنيوم سبايس”، ومقرها لندن، للاعتماد على الميتافيرس لأن تصنع نسخاً افتراضية عن المستخدمين خلال حياتهم، سيكون لهم وجود خاص، من دون تدخل بشري، في هذا العالم الموازي بعد وفاتهم.
ويقر المدير العام للشركة أرتور سيشوف بأن هذه الخدمة “ليست موجهة للجميع بالطبع”.
وذلك في مقطع فيديو نُشر على يوتيوب، حول منتج الشركة المسمى “ليف فوريفر” (“العيش أبداً”)، الذي أعلنت عن التوجه لإطلاقه نهاية العام.
ويضيف “هل أريد أن ألتقي بجدي بواسطة الذكاء الاصطناعي؟ سيكون ذلك متاحاً لمن يريد ذلك”.
السؤال الذي يُطرح هنا هو لأي مدى يمكن القبول بوجود افتراضي لشخص محبوب متوفٍ يمكنه، بفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي، قول أشياء لم يقلها قبل وفاته.
يقرّ جوزيف مورفي بأنّ “التحديات فلسفية وليست فنية”. ويقول “لا أعتقد أن المجتمع جاهز بعد، هناك خط لم نخطط لتجاوزه”. ويوضح مدير خدمة “ري ميموري” التي تضم بضع عشرات من المستخدمين أن هذه التقنية “موجهة لفئة محددة، وليست قطاعاً للنمو”، مضيفاً “لا أتوقع أن يحقق ذلك نجاحاً كبيراً”.
وتعتبر كاندي كان، الأستاذة في جامعة بايلور التي تجري حالياً بحثاً في هذا الموضوع في كوريا الجنوبية.
أن “التفاعل مع نسخة بالذكاء الاصطناعي لشخص من أجل عيش مرحلة الحداد يمكن أن يساعد (…) على المضي قدماً مع الحد الأدنى من الصدمات، لا سيما بمساعدة شخص محترف”.
وأجرت أستاذة علم النفس الطبي في جامعة جونسون أند ويلز ماري دياس، مقابلات مع العديد من مرضاها الذين يعيشون مرحلة حداد، حول الاتصال الافتراضي مع ذويهم المتوفين. وتوضح أن “الإجابة الأكثر شيوعاً كانت + أنا لا أثق في الذكاء الاصطناعي. أخشى أن يقول شيئاً لن أتقبله+”.
عرض منحوتات مطورة باستخدام التقنية.. إرث مزيف
تُعرض في أحد المتاحف السويدية منحوتة مستوحاة من أعمال خمسة من أبرز النحاتين العالميين بينهم ميكيلانجيلو وأوغوست رودان، جرى ابتكارها حصراً بفضل برامج للذكاء الاصطناعي وأُطلقت عليها تسمية “التمثال المستحيل”.
وفي حديث إلى وكالة فرانس برس، قالت الناطقة باسم شركة “ساندفيك” التي صممت التمثال بوليينا لوندي “إنه تمثال فعلي صنّعه خمسة من معلّمي النحت ما كانوا ليتعاونوا في الحياة الواقعية”.
ويُعرض التمثال المصنوع من فولاذ مقاوم للصدأ والذي يبلغ ارتفاعه 150 سنتمتراً ووزنه 500 كيلوغرام، في متحف التكنولوجيا في ستوكهولم، في خطوة تشكل مؤشراً إلى التغيير الحاصل في المفاهيم التقليدية للفن.
ويمثّل هذا العمل امرأة نصف جسدها السفلي مغطى بسترة، وتحمل كرة من البرونز بيدها اليسرى.
وتكمن الفكرة من هذا التمثال في ابتكار مزيج من أنماط النحاتين الخمسة الذين طبع كلّ واحد منهم مجال النحت في عصره، وهم ميكيلانجيلو (إيطاليا، 1475-1564)، أوغوست رودان (فرنسا، 1840-1917)، كاثي كولفيتس (ألمانيا، 1867-1945)، كوتارو تاكامورا (اليابان، 1883-1956)، أوغوستا سافاج (الولايات المتحدة، 1892-1962).
وتقول جوليا أولديريوس، وهي مسؤولة عن الابتكار في المتحف “ثمة شيء في التمثال يشعرك بأنّه ليس من ابتكار بشر”.
ولإنجاز المنحوتة، قام مهندسو “ساندفيك” بتغذية أنظمة الذكاء الاصطناعي بصور كثيرة من منحوتات أنشأها هؤلاء الفنانون.
ثم قدّمت برامج الذكاء الاصطناعي مجموعة من الصور الثنائية الأبعاد تعكس بحسب أولديريوس الطابع الخاص بكلّ نحات.
وأضافت أولديريوس “دمج مهندسونا هذه الصور الثنائية الأبعاد في نموذج ثلاثي الأبعاد، ومن هنا بدأنا تصنيع التمثال”.
لكن هل تُعدّ هذه المنحوتة عملاً فنياً أم مجرّد إنجاز تقني؟ تجيب أولديريوس “نعم، أعتقد أن هذا عبارة عن فنّ”، معتبرةً أنّ الحكم يعود في هذا الخصوص للجمهور.
الخبراء يؤكدون: أخطار الذكاء الاصطناعي على البشرية “مبالغ فيها”
قضى اختصاصي الذكاء الاصطناعي غاري ماركوس الأشهر الأخيرة يحذر أقرانه والنواب والجمهور عموما من المخاطر المرتبطة بتطوير أدوات هذا المجال الجديدة وانتشارها الفائق السرعة.
لكنه اعتبر في حديث أجرته معه وكالة فرانس برس في سان فرانسيسكو أن مخاطر انقراض البشرية “مبالغ فيه”.
وأوضح الأستاذ الفخري في جامعة نيويورك الذي قدم إلى كاليفورنيا لحضور مؤتمر “شخصيا، وفي الوقت الحاضر، لست قلقا جدا بهذا الشأن، لأن السيناريوهات ليست في غاية الواقعية”. وتابع “ما يقلقني هو أن نبني أنظمة ذكاء اصطناعي لا نحكم السيطرة عليها”.
ابتكر غاري ماركوس برنامجه الأول للذكاء الاصطناعي في المدرسة الثانوية، وكان برنامجا لترجمة نصوص من اللاتينية إلى الإنكليزية.
وبعد سنوات من دراسة علم النفس للأطفال، أنشأ شركة متخصصة في “تعلّم الآلة” استحوذت عليها “أوبر” لاحقا.
وفي مارس، كان من موقعي الرسالة التي نشرها مئات الخبراء للمطالبة بتعليق تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي فائقة القوة مثل “تشات جي بي تي” لمدة ستة أشهر للتثبت من أن البرامج المطروحة حاليا للاستخدام “موثوقة وآمنة وشفافة ووفية … وموائمة” للقيم البشرية.
لكنه لم يوقّع الإعلان المقتضب الذي أصدرته مجموعة من كبار رجال الأعمال والخبراء هذا الأسبوع وكان له وقع شديد.
ودعا موقّعو الإعلان ومن أبرزهم مبتكر “تشات جي بي تي” نفسه سام التمان، والمهندس الكبير السابق لدى “غوغل” جيفري هينتون الذي يعتبر من الآباء المؤسسين للذكاء الاصطناعي، ورئيس شركة “ديب مايند” للأبحاث في مجال الذكاء الاصطناعي التابعة لغوغل ديميس هاسابيس، والمدير الفني لمايكروسوف كيفن سكوت، إلى التصدي لـ”مخاطر انقراض” البشرية “المرتبطة بالذكاء الاصطناعي”.
وأطلق النجاح الهائل الذي أحرزه برنامج “تشات جي بي تي” القادر على إنتاج أي نوع من النصوص بناء على طلب مستخدميه، سباقا بين شركات التكنولوجيا العملاقة إلى هذا الذكاء الاصطناعي “التوليدي”، غير أنه أثار في المقابل الكثير من التحذيرات والدعوات إلى وضع ضوابط لهذا المجال.
وصدرت هذه التحذيرات حتى عن مطوري هذه الأنظمة المعلوماتية الذين يعملون من أجل التوصل إلى ذكاء اصطناعي “عام” يتميز بقدرات معرفية شبيهة بقدرات البشر.
وقال غاري ماركوس “إن كنتم مقتنعين فعليا بأن هناك خطر وجودي، فلماذا تعملون على ذلك بالأساس؟ هذا سؤال منطقي”. ورأى أن “انقراض الجنس البشري… مسألة في غاية التعقيد في الواقع، يمكننا تصور كلّ أنواع الآفات، لكن ثمة من سينجو حتما”. وشدد في المقابل على أن هناك سيناريوهات ذات مصداقية يمكن في سياقها أن يتسبب الذكاء الاصطناعي “بأضرار هائلة”. وتابع “قد ينجح البعض على سبيل المثال في التلاعب بالأسواق. وقد نتهم الروس بتحمل المسؤولية ونهاجمهم في حين أن لا ضلوع لهم إطلاقا، وقد ننجر إلى حرب عرضية تهدد بأن تتحول إلى حرب نووية”.
وعلى المدى القريب، يعرب غاري ماركوس عن مخاوف على الديموقراطية.
فبرمجيات الذكاء الاصطناعي التوليدي قادرة بصورة متزايدة على إنتاج صور زائفة وقريبا فيديوهات واقعية، بكلفة زهيدة. وفي هذا السياق، فإن “الانتخابات ستحسم للذين يبرعون أكثر من سواهم في نشر التضليل الإعلامي، وهؤلاء قد يعدّلون القوانين بعد فوزهم… ويفرضون نظاما سلطويا”. وشدد على أن “الديموقراطية تقوم على امتلاك معلومات منطقية واتخاذ قرارات صائبة.
وإن لم يعد أحد يميز بين ما هو صحيح وما هو غير صحص، عندها ينتهي الأمر”.
لكن هذا لا يعني برأي الخبير الذي صدر له كتاب بعنوان “إعادة إطلاق الذكاء الاصطناعي” Rebooting AI أن هذه التكنولوجيا لا تحمل وعودا.
وقال “ثمة فرصة بأن نستخدم ذات يوم نظام ذكاء اصطناعي لم نبتكره بعد، يساعدنا على إحراز تقدم في العلم، في الطب، في رعاية المسنين… لكننا في الوقت الحاضر غير جاهزين.
نحن بحاجة إلى تنظيمات وإلى جعل البرامج أكثر موثوقية”.
ولدى مثوله أمام لجنة في الكونغرس الأميركي في مايو، دعا إلى إنشاء وكالة وطنية أو دولية يعهد إليها بحوكمة الذكاء الاصطناعي.
وهو مشروع يحظى أيضا بتأييد سام ألتمان العائد من جولة أوروبية حض خلالها القادة السياسيين على البحث عن “توازن عادل” بين الإنتاج والابتكار.
لكن غاري ماركوس حذر من ترك السلطة بهذا الشأن بأيدي الشركات وقال “ذكّرتنا الأشهر الأخيرة إلى أي حد هي التي تتخذ القرارات الهامة بدون أن تأخذ بالضرورة… بالآثار الجانبية”.