في حديثه لبرنامج “بودكاست الغرفة” برعاية شركة قيود، استعرض فواز الفواز، رئيس شركة التصنيع الوطنية، محطات بارزة في مسيرته المهنية، متطرقا إلى نشأته في الخرج ثم دراسته للمحاسبة في جامعة الملك سعود، قبل عمله في شركة سابك لـ 30 عاما انتقل بعدها إلى شركة التصنيع الوطنية، تحدث الفواز عن كيف توجه سابك للصكوك الإسلامية وتحديات القطاع الصناعي وأهمية القيادة التنفيذية في مواجهة الأزمات.
كيف تحصد القيادة من الزراعة؟!
نشأ الفواز في قرية اليمامة الزراعية قرب الخرج، ويرى شخصيا أن الزراعة تُعلّم الإنسان الصبر والعمل اليدوي المباشر، وتسـتأثر بأغلب وقته اليومي، ما يجعل المزارعين أكثر تنفيذية وقيادية، تخرج في جامعة الملك سعود بتخصص المحاسبة والمالية، قبل أن تقوده الأقدار إلى سابك، إحدى أكبر شركات البتروكيماويات في العالم.
الانتقال إلى سابك رغم العروض الأخرى
رُشّح الفواز للعمل في مؤسسة النقد العربي السعودي مطلع الثمانينات، لكنه رفض العرض لأن الوظيفة كانت تتطلب العمل يوم الخميس، الذي كان إجازة رسمية آنذاك، ليختار لاحقا الانضمام إلى سابك، حيث واجه تحديا كبيرا في أسلمة العمليات المالية للشركة، لا سيما مع تعاملاتها مع شركات أجنبية مثل شل وأكسون وبدلا من إصدار سندات، اتجهت سابك إلى إصدار صكوك متوافقة مع الشريعة الإسلامية، ما ساهم لاحقا في تأسيس سوق مالي متطور للصكوك في المملكة، تبعته شركات مثل كهرباء السعودية.
بداية الصكوك من مبنى سابك في مخرج 8
من أبرز التجارب التي مر بها الفواز اقتراحه تصكيك مبنى سابك الشهير في مخرج 8، حيث كان يهدف إلى جمع تمويل بقيمة مليار ريال. إلا أن اللجنة الشرعية رفضت الفكرة لأنه لا يمكن بيع المبنى لأي سبب قد تواجهه الشركة أو الصكوك.
يقول الفواز سألني الشيخ ابن منيع : يا بن فواز إذ جاءك أحد التجار الكبار في السعودية وعرض شراء المبنى هل ستبيعه له؟ قال الفواز: لا لن تبيعه الشركة إنما هي تريد أن تصدر صك بضمان الأصل وهو المبنى للحصول على التمويل وسوف تشتري الصكوك لاحقا، فرفضت اللجنة الشرعية.
هذا الرفض، دفع الفريق التنفيذي للبحث عن حلول بديلة استغرقت نحو 6 أشهر، حيث قامت الشركة بإنشاء شركة لغرض خاص وهي جمع العمولات المتحصلة من التسويق، فشركة سابك للتسويق -شركة تابعة لسابك- قبل دمجها في الشركة الأم كانت تحصل على مبلغ مالي معين لكل طن من المبيعات، هذا الحل لاقى قبولا من اللجنة الشرعية، وبدأت سابك على إثره بإطلاق صكوكها ونجحت في جمع 15 مليار ريال، أي 15 ضعفا مما كان متوقعا من تصكيك المبنى.
نقل الإيثيلين وصناعة سوق جديدة
تحدث الفواز عن جهود سابك والسعودية في تطوير سوق للإيثيلين، مشيرا إلى أن المادة كانت متوفرة، ولكن تتطلب تقنيات نقل متقدمة، إذ يتم شحنها إما تحت ضغط مرتفع أو في درجة حرارة منخفضة جدا (-103°C) للحفاظ عليها بحالتها السائلة.
كيف تصبح مديرا على مدراءك ؟
يعد هذا التحدي من أكثر المسائل حساسية التي يواجهها العديد من القادة، وقد خاضها فواز الفواز بنفسه، حيث وجد أن الحل يكمن في مسارين أساسيين، الأول تعزيز الاحترام، فرغم أن الاحترام في بيئة العمل أمر أساسي، لكن عند التعامل مع من كانوا مديريك، فإن الأمر يتطلب احتراما إضافيا، يعكس تقديرك لخبرتهم ومكانتهم السابقة. ويقول الفواز العامل الثاني لمواجهة هذه الحساسية تمكينهم وإعطاؤهم مساحة للعمل لتعزيز الثقة وضمان تعاونا فعالا داخل الفريق.
من سابك إلى التصنيع
بعد أكثر من 30 عاما في سابك، انتقل الفواز إلى شركة التصنيع الوطنية، التي كانت تواجه ديونا بقيمة 27 مليار ريال. وخلال 10 سنوات، تمكن الفريق التنفيذي، بقيادة الفواز وعدد من الخبراء، من تقليل الديون إلى 10 مليارات ريال، مع رفع الإنتاج إلى 2.5 مليون طن من البتروكيماويات و1.5 مليون بطارية سنويا.
شركة التصنيع الوطنية التي تأسست 1985 كأول شركة صناعية مملوكة بالكامل للقطاع تملك الآن 20 شركة تابعة تعمل في البتروكيماويات والصناعات التحويلية والمعادن.
الفرق بين مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية
أكد الفواز أن مجلس الإدارة يجب أن يركز على الاستراتيجيات طويلة المدى، التعاقب الوظيفي، تقييم المخاطر، ومراقبة أداء الفريق التنفيذي، دون التدخل في التفاصيل اليومية، مشددا على أهمية التنوع بين الأعضاء القانونيين والماليين والمهندسين.
الإدارة التنفيذية برأيه يجب أن تعمل على ترشيد التكاليف وتقنين الصرف وتحسين الأداء ورفع كفاءة التشغيل فهي أمور تحت سيطرتها خلافا للعوامل الخارجية، إذ لا تستطيع مثلا التحكم في العرض والطلب والأسعار والمؤثرات على السوق فهي أمورة خارجة عن إرادة الشركات.
كيف تستقطب موظفين لشركة جديدة؟
سابك التي تأسست في 1976 استقطبت عدد من الموظفين من ارامكو التي نشأت عام 1933 فيما استقطبت معادن التي نشأت في 1997 موظفين من سابك وهذا يدل على أهمية الخبرة لأناس في نفس المجال ، كذلك حين واجهت التصنيع شبح الديون استقطبت المريشد من سابك ثم استقطبت الفواز من نفس المكان وكلاهما ذو خبرة واسعة في مجال البتروكيماويات.
كيف تتخذ قرارا صحيحا؟
يقول الفواز: لاتخاذ قرار صحيح يجب أن تبحث عن المعلومة الصحيحة التي تقودك لاتخاذ القرار ثم تتخذ القرار وتشرف على تنفيذه، وهذا يدل على أهمية أن يكون التنفيذي قادر على الوصول للمعلومة الدقيقة والصحيحة في أي وقت، إما عبر النظام وما يصدر عنه من تقارير وبيانات أو عبر الأشخاص الموثوقين.
الأتمتة ومستقبل الوظائف
يرى الفواز أن الأتمتة والروبوتات ستؤثر على الوظائف الصناعية، خصوصا في المهام الروتينية، ولكن المهارات الناعمة مثل التواصل، والتفكير الإيجابي، والذكاء المهني والمرونة في تقبل التغيرات، ستبقى عاملا رئيسيا في نجاح الأفراد في سوق العمل.
وأوضح: الوظائف الصناعية تنتقل بشكل أسرع إلى الأتمتة خصوصا في العمليات المتكررة، التي ينتظر أن يدخل عليها الروبوت ولن تكون موجودة في السنوات القادمة.
نظرة على قطاع التعدين
تطرق الفواز إلى دخول التصنيع في قطاع المعادن عام 2014، مشيرا إلى اختلافه عن البتروكيماويات، حيث تستغرق المشاريع وقتا أطول لتحقيق الأرباح، كما ناقش تحديات سوق التيتانيوم الذي تنتجه الشركة، ويستخدم في الأصباغ والبناء وصناعة الطائرات والتطبيقات العسكرية.
العمل في صناعة المعادن وهي أحد قطاعات الشركة دخلت لها الشركة في 2014 والمختصة بإنتاج التيتانيوم تختلف إذ أن أرباحها تتأخر عادة، إذ قد تستغرق عقودا قبل أن تدر الأرباح، وهي قطعا ليست مثل البتروكيماويات التي يمكن أن تدر الأرباح خلال 5 سنوات، وتجربة الشركة مع المعادن ليست جيدة كفاية إذ أن أسهم شركات التيتانيوم نزلت بنحو 60% لأن أسعار المعدن نزل إلى مستويات غير مسبوقة.
نصيحة لرواد الأعمال
اختتم الفواز حديثه بالتأكيد على الفرص المتاحة في القطاعات المدعومة حكوميا، مشجعا رواد الأعمال على استغلال التسهيلات المتوفرة لتحقيق النجاح في المجالات الناشئة.