يُقال إن العالم كما نعرفه يتغير بوتيرة لم يسبق لها مثيل، ومفتاح هذا التغيير هو الذكاء الاصطناعي، فهل تخيلت يومًا آلة تفكر، تتعلم، وتبتكر؟ ما كان يومًا مجرد خيال علمي أصبح الآن واقعًا ملموسًا يتسلل إلى جميع جوانب حياتنا، من أبسط تفاصيل يومنا إلى أعقد أنظمة العالم؛ فالذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تقنية، بل هو القوة الدافعة التي تعيد تشكيل مستقبلنا وتفتح آفاقًا جديدة للتطور البشري؛ لذا في هذه المقالة سنستكشف عالم الذكاء الصنعي، سنغوص في أعماقه، ونسلط الضوء على تأثيراته العميقة على حاضرنا ومستقبلنا؛ فهل أنت مستعد لاستكشاف المستقبل الذي يبدأ اليوم؟
ما هو الذكاء الاصطناعي بشكل مبسط؟
الذكاء الاصطناعي (AI) هو فرع من علوم الكمبيوتر يهدف إلى تطوير أنظمة قادرة على أداء مهام معرفية معقدة ترتبط عادةً بالذكاء البشري، مثل: التعلم، والإبداع، والتعرف على الصور.
الذكاء الصنعي وChatGPT
كان “تشات جي بي تي” هو العامل الذي حفز عامًا من ضجة الذكاء الصنعي، إذ أعطى برنامج الدردشة الآلي للعالم لمحة عن التطورات الحديثة في علوم الحاسوب، حتى لو لم يتمكن الجميع من اكتشاف كيفية عمله أو ما يجب فعله به.
قال عالم الذكاء الاصطناعي الرائد فاي-في لي: “أود أن أسمي هذه لحظة تحول كبرى، نأمل أن يتذكر التاريخ عام 2023م بأنه عام التغيرات العميقة التي حدثت في التكنولوجيا، بالإضافة إلى الصحوة العامة” كما يوضح أيضًا مدى فوضى هذه التكنولوجيا.
شرح شامل للذكاء الاصطناعي
بدأ الذعر الأول من الذكاء الصنغط في عام 2023 بعد وقت قصير من يوم رأس السنة الجديدة عندما أعيد فتح الفصول الدراسية، وبدأت المدارس من سياتل إلى باريس في حظر ChatGPT، كان المراهقون يطلبون من برنامج الدردشة الآلي -الذي أصدر في أواخر عام 2022- كتابة المقالات والإجابة على الاختبارات المنزلية.
تعمل نماذج اللغات الكبيرة المعتمدة على الذكاء الصنعي، مثل ChatGPT من خلال التخمين المتكرر للكلمة التالية في الجملة بعد “تعلمها” أنماط مجموعة ضخمة من الأعمال المكتوبة بواسطة الإنسان، وغالبًا ما يخطئون في فهم الحقائق، لكن النتائج تبدو طبيعية جدًا لدرجة أنها أثار الفضول حول التقدم المتوقع في الذكاء الصنعي.
ما الفرق بين الذكاء الاصطناعي الضيق والعام؟
إذا أردت مقارنة بين الذكاء الاصطناعي الضيق (ANI) والذكاء الاصطناعي العام (AGI)، موضحًا الفروقات الرئيسة بينهما؛ فيمكنك قراءة هذا الجدول التالي:
| وجه الاختلاف | الذكاء الاصطناعي الضيق | الذكاء الاصطناعي العام |
| التعريف | نوع الذكاء الموجود اليوم، ويُعرف أيضًا بالذكاء “الضعيف”. | نوع من الذكاء الصنعي قادر على أداء أي مهمة فكرية يمكن للإنسان القيام بها. |
| القدرات | أداء مهام ضيقة موجهة نحو أهداف محددة، مثل: التعرف على الوجه، البحث في الإنترنت، والسيارات ذاتية القيادة. | يمكنه التعلم من الخبرة، تحديد الأنماط، التنبؤ، واستقراء المعرفة عبر مهام متعددة. |
| المحدودية | يصنف كضعيف؛ لأنه يفتقر إلى المكونات البشرية للذكاء الحقيقي، رغم أنه قد يكون مدفوعًا بخوارزميات معقدة. | يتمتع بقدرات واسعة غير محدودة بمهام أو بيانات محددة، يمكنه التكيف مع مواقف جديدة غير متوقعة. |
| المثال | التعرف على الوجه، البحث في الإنترنت، والسيارات ذاتية القيادة. | حاسوب القمة الخارق الذي يمكنه إجراء 200 كوادريليون حساب في ثانية واحدة. |
| الفلسفة | يُعد مفيدًا لاختبار فرضيات حول العقول، لكنه لا يمتلك وعيًا حقيقيًا. | ليكون AGI مفيدًا ومعنويًا، يحتاج إلى قدرات حسابية كبيرة قد توجد حاليًا فقط في الحواسيب الفائقة. |
| المتطلبات | لا يتطلب بالضرورة قدرات حسابية كبيرة، إذ يركز على مهام محددة. | يتطلب قدرات حسابية كبيرة تتوفر حاليًا فقط على مستويات الحواسيب الفائقة. |
ما هو الفرق بين الذكاء الاصطناعي والذكاء البشري؟
هذا الجدول يعكس الفروقات الأساسية بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي:
| وجه الاختلاف | الذكاء البشري | الذكاء الاصطناعي |
| القدرات العقلية | يعتمد على التفكير، التعلم، التعبير، حل المشكلات، وأيضًا اتخاذ القرارات. | يعتمد على البرمجة لأداء مهام محددة وفقًا لقواعد وبيانات محددة مسبقًا. |
| التعلم | يتميز بالقدرة على التعلم المستمر، والتكيف مع البيئات المختلفة. | قادر على التعلم من البيانات، ولكن يعتمد على البرمجة الأولية، ولا يملك القدرة على التعلم الشامل أو المرن. |
| التفاعل الاجتماعي | يمتلك القدرة على التفاعل الإنساني والتكيف مع المجتمع. | يفتقر إلى القدرة على التفاعل الإنساني الكامل. |
| الاستنتاج الشامل | قادر على الاستنتاج الشامل والتفكير المنطقي في مواقف متنوعة. | يتفوق في مجالات ضيقة، مثل: التعرف على الصوت والصورة، ولكنه يفتقر إلى الاستنتاج الشامل. |
| الذاكرة | تعتمد على شبكة معقدة من الأنسجة العصبية التي تتأثر بالتركيز والتكرار. | تعتمد على قاعدة بيانات منظمة لاسترجاع المعلومات بسرعة. |
| المرونة في استخدام الذاكرة | يمتلك القدرة على استخدام الذاكرة؛ لحل المشكلات، واتخاذ القرارات المعقدة بمرونة. | يعتمد على البيانات المخزنة مسبقًا، ولا يتمتع بالمرونة في استخدام الذاكرة بالطريقة ذاتها. |
| مصدر الذكاء | من صنع الله؛ مما يجعله يتميز بقدرات فكرية مهولة. | من صنع الإنسان، ولا يمكن مقارنته بصنع الخالق. |
| التفوق في بعض المجالات | قد يتفوق الذكاء الصنعي في ألعاب الحاسوب، مثل: الشطرنج، لكن البشر يمتلكون مرونة التفكير والإبداع. | يتفوق في أداء مهام محددة؛ بفضل القدرة على تحليل البيانات بسرعة، وتوقع حركات محددة مسبقًا. |
| اتخاذ القرارات | قادر على اتخاذ قرارات مبنية على المعرفة والخبرة الذاتية. | يعتمد على البيانات المدخلة، ولا يمكنه التفكير بشكل مستقل. |
| أداء المهام المتعددة | يستطيع القيام بمهام متعددة بسهولة؛ بفضل مرونة العقل البشري. | يحتاج إلى الكثير من الوقت والبرمجة لأداء مهام متعددة. |
| التكيف والتعلم من التجارب | يمتاز بالقدرة على التعلم من التجارب السابقة، والتكيف مع المواقف الجديدة. | يتعلم فقط من البيانات المتاحة، ولا يملك القدرة على التكيف مع المواقف الجديدة بشكل مستقل. |
| الإبداع والابتكار | يمتلك القدرة على الإبداع والابتكار في حلول المشكلات والأفكار الجديدة. | يفتقر إلى القدرة على الإبداع، ويعتمد على الحلول والبيانات المبرمجة مسبقًا. |
تاريخ وتطور الذكاء الصنعي
مراحل تطور الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي كفكرة لم يكن وليد اختراع الحواسيب، بل بدأ جذوره في الظهور خلال الربع الثاني من القرن التاسع عشر، وعلى الرغم من أن الحواسيب لم تكن موجودة بعد؛ إلا أن الفكرة بدأت تتبلور في الأوساط العلمية على شكل نظريات رياضية.
أهم النقاط الزمنية في تطور الذكاء الاصطناعي
في بداية ظهور الذكاء الصنعي، لم يكن يحظى باهتمام كبير من وسائل الإعلام والجمهور؛ نظرًا لكونه مجالًا جديدًا وغامضًا، ولكن حدث تحول مهم عندما قام المخرج السينمائي ستانلي كوبريك بزيارة العالم مارفن مينسكي في مختبر الذكاء الاصطناعي بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، إذ سأل كوبريك مينسكي عن إمكانية وجود حاسوب ذكي بحلول عام 2001م، وأكد له مينسكي بتفاؤل أنه سيكون ممكنًا.
هذه المحادثة ألهمت كوبريك لإنتاج فيلمه الشهير “A Space Odyssey”، الذي تناول فيه موضوع الذكاء الصنعي بعمق؛ مما أدى إلى لفت انتباه العالم لهذا المجال الجديد، والجدير بالذكر أن الفيلم ساهم في جعل هذا الذكاء موضوعًا للنقاش العالمي، وزاد من الوعي والإثارة حول إمكانياته.
في هذه الفترة، لم تقتصر التوقعات والمبالغات على الإعلام فقط، بل شارك العلماء أيضًا بتصريحات متفائلة، ففي عام 1965م، صرح العالم هيربرت سايمون بأن الآلات ستكون قادرة على أداء أي مهمة يقوم بها الإنسان خلال عشرين عامًا، وفي عام 1967م أضاف مارفن مينسكي أن مشكلة خلق هذا النوع من الذكاء ستحل بشكل كبير في غضون جيل واحد.
العلماء والشخصيات الرئيسة في مجال الذكاء الاصطناعي
بدأ تطور الذكاء الصنعي مع جهود رائدة للعديد من العلماء، إذ لم يكن آلان تورينغ وحده في هذا المجال، إذ انضم إلى هذا المجال علماء بارزون، مثل: وارن ماكولوتش عالم الفيزيولوجيا العصبية، ووالتر بيتس عالم الرياضيات الشاب، وفي عام 1943م نشر هذان العالمان ورقة علمية تناولت كيفية عمل الخلايا العصبية، ونجحا في نمذجة شبكة عصبية بسيطة باستخدام دوائر كهربائية.
في الخمسينيات، بدأ علماء الحواسيب في تطبيق هذه الأفكار في مشاريعهم، ومن بين هؤلاء العلماء: كان أرثر سامويل العالم الأمريكي الذي طوّر برنامجًا لتعليم الآلة لعبة الداما بشكل ذاتي.
أنواع الذكاء الاصطناعي
هناك ثلاثة أنواع من الذكاء الصناعي، وهما:
- الذكاء الضيق (ANI): هو النوع الوحيد الموجود حاليًا، إذ يقوم بأداء مهام محددة بناءً على خوارزميات معقدة وشبكات عصبية.
-
- العام (AGI): يمثل نوعًا متقدمًا من الذكاء الصنعي يمتلك القدرة على أداء أي مهمة فكرية يمكن للإنسان القيام بها.
- الذكاء الاصطناعي الفائق (ASI): يُعد مفهومًا نظريًا يتجاوز حدود الذكاء البشري بشكل كبير، يُفترض أن يكون مدركًا لذاته تمامًا.
تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي
إذا كنت تتساءل عن تقنيات وتطبيقات هذا النوع من الذكاء؛ فيمكن اختصارها فيما يلي:
- التعلم الآلي: يوجد أربعة أنواع من هذا التعلم، وهم التعلم:
- الخاضع للإشراف.
- التعلم غير الخاضع للإشراف.
- شبه الخاضع للإشراف.
- التعلم المعزز.
- معالجة اللغة الطبيعية.
- التعلم العميق.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية
فيما يلي بعض الأمثلة التي تبين استخدامنا للذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية:
- تحسين تجربة العملاء من خلال روبوتات المحادثة.
- مساعدة المعلمين في العملية التعليمية.
- المساعدة في تشخيص الأمراض.
- إمكانية تتبع الحافلات في الوقت الفعلي وزيادة التواصل مع الركاب.
الفوائد والتحديات
من أهمية الذكاء الاصطناعي في العصر الحديث؟
الذكاء الاصطناعي (AI) يُعَدّ من أبرز التقنيات التي تميز العصر الحديث، حيث يقدم العديد من المزايا التي تؤثر بشكل إيجابي في مختلف القطاعات. وفيما يلي أبرز هذه المزايا:
-
- التغلب على المشكلات المعقدة: يتمتع بقدرة على حل المشكلات المعقدة من خلال استخدام تقنيات، مثل: تعلم الآلة، وشبكات التعليم العميق.
- زيادة كفاءة الأعمال: يمكن له العمل بدون توقف على مدار الساعة؛ مما يزيد من كفاءة الأعمال ويقلل من الأخطاء البشرية.
- اتخاذ قرارات أكثر ذكاءً: بفضل قدرته على تحليل كميات كبيرة من البيانات بسرعة؛ يمكن له تقديم رؤى دقيقة.
- أتمتة عمليات الأعمال: يمكن أتمتة المهام التي قد تكون مملة أو معقدة بالنسبة للموظفين؛ مما يؤدي إلى تحسين الكفاءة التشغيلية.
التحديات والمخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي
تصاعدت المخاوف عندما هددت هذه المجموعة الجديدة من أدوات الذكاء الصمعي التوليدية التي لا تنطق الكلمات فحسب، بل الصور الجديدة والموسيقى والأصوات الاصطناعية سبل عيش
أي شخص يكتب أو يرسم أو يعزف على الآلات الموسيقية أو يبرمج رموزًا لكسب لقمة العيش، لقد أدى ذلك إلى إضرابات كتاب وممثلي هوليود والتحديات القانونية من الفنانين التشكيليين والمؤلفين الأكثر مبيعًا.
حذر بعض العلماء الأكثر شهرة في مجال الذكاء الاصطناعي من أن التقدم الجامح الذي أحرزته التكنولوجيا يتجه نحو التفوق على البشر، وربما تهديد وجودهم، في حين وصف علماء آخرون مخاوفهم بأنها مبالغ فيها أو لفتوا الانتباه إلى أخطار أكثر إلحاحًا، هذا بالإضافة إلى ما يلي:
- ارتفاع التكاليف: تتطلب استثمارات كبيرة، خاصة إذا لم تستخدم الحوسبة السحابية، إذ تكون النفقات المتعلقة بالبنية التحتية والتخزين عالية.
- تعقيد التطوير: إنشاء تطبيقات هذا النوع من الذكاء ليس بالأمر السهل؛ فهي تحتاج إلى تخطيط دقيق ومعرفة متخصصة.
- نقص الكفاءات المتخصصة: يُعد توظيف الخبراء في مجالات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي أمرًا صعبًا بسبب الطلب العالي ونقص الكفاءات المؤهلة.
- التحديات في التكامل والتطبيق: تحتاج الشركات إلى معرفة دقيقة متى وأين يجب دمج هذا الذكاء في عملياتها.
- الحاجة للاستعانة بمصادر خارجية: في بعض الأحيان، قد تحتاج الشركات إلى التعاون مع جهات خارجية؛ لمواجهة التحديات التكنولوجية.
مخاطر التزييف العميق
وبحلول الربيع، قفزت التزييفات العميقة التي أنشأها الذكاء الاصطناعي -وبعضها أكثر إقناعًا من البعض الآخر- إلى الحملات الانتخابية الأمريكية، حيث أظهرت إحداها كذب دونالد ترامب وهو يحتضن الدكتور فاوتشي كبير خبراء الأمراض المعدية السابق في البلاد؛ إذجعلت التكنولوجيا من الصعب على نحو متزايد التمييز بين لقطات الحرب الحقيقية والملفقة في أوكرانيا.
النقاشات الأخلاقية حول الذكاء الاصطناعي
تغطي أخلاقيات الذكاء الاصطناعي مفاهيم الشفافية، والعدالة، والمساءلة، وكذلك القابلية للتفسير.
المستقبل والتوجهات المستقبلية
الابتكارات المستقبلية المحتملة في مجال الذكاء الاصطناعي
من بين الابتكارات المستقبلية المحتملة في هذا الصدد هو تحويل الخيال إلى واقع، إذ أحدث برنامج ChatGPT ثورة في مجال الذكاء الصنعي من خلال تقديم تجربة تفاعلية متقدمة مع المستخدمين، وقد مهد ذلك الطريق لمزيد من الابتكارات المثيرة في هذا المجال، إذ تعكف شركة OpenAI الآن على تطوير نسخة جديدة ومحسنة من برنامج DALL-E، والمعروفة باسم DALL-E 3، والذي يعد بإحداث تغيير كبير في كيفية إنشاء الصور باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي.
تتميز النسخة الجديدة DALL-E 3 بقدرتها على تبسيط عملية إنتاج الصور، إذ لم تعد تتطلب تعلم لغة تقنية معقدة، أو إدخال سلاسل محددة للحصول على النتائج المرجوة، فبدلًا من ذلك يمكن للمستخدمين ببساطة استخدام أوامر المحادثة مع برنامج ChatGPT، والحصول على صور تتطابق بدقة مع وصفهم.
التوجهات والتوقعات المستقبلية
وفقًا للتقديرات، يمكن أن تسهم تطبيقات الذكاء الصنعي في زيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة تصل إلى 14% بحلول عام 2030، هذا النمو يعادل حوالي 16 تريليون دولار؛ مما يبرز الأثر الكبير الذي يمكن أن يحدث هذا النوع من الذكاء على الاقتصاد العالم، كما أنه من المتوقع أن تستفيد الاقتصادات المتقدمة والناشئة على حد سواء من هذه الزيادة، مع توفير فرص جديدة للعمل، وتحسين مستويات المعيشة؛ بفضل تحسين الإنتاجية والكفاءة.
تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل العمل والحياة
داخل قاعة اجتماعات حكومية في بلجيكا، كان القادة السياسيون من جميع أنحاء أوروبا منهكين بعد أيام من المحادثات المكثفة مع صفقة لأول ضمانات وأطر قانونية رئيسة للذكاء الاصطناعي في العالم. لن يدخل هذا القانون الجديد حيز التنفيذ حتى عام 2025، ولا تزال الهيئات التشريعية الأخرى –بما في ذلك الكونجرس الأمريكي– بعيدة كل البعد عن سن قانونها الخاص.
الكثير من الضجيج؟ ليس هناك شك في أن منتجات الذكاء الصنعي التجارية التي كشف عنها في عام 2023 تضمنت إنجازات تكنولوجية لم تكن ممكنة في المراحل السابقة من أبحاث الذكاء الصنعي، والتي يعود تاريخها إلى منتصف القرن العشرين. وقال ديف ميكو، المحلل لدى جارتنر: “إن الذكاء الصنعي التوليدي في ذروة التوقعات المتضخمة، كما أن هناك مطالبات هائلة من قبل البائعين والمنتجين للذكاء الاصطناعي التوليدي حول قدراته وقدرته على تقديم تلك القدرات”.
كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في مجال المحاسبة؟
أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا أساسيًا من عالم الأعمال الحديث، ومن بين المجالات التي تشهد تغييرات جذرية بفضله هو مجال المحاسبة. يُسهّل الذكاء الاصطناعي على المحاسبين العديد من المهام الروتينية التي كانت تتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين، مما يسمح لهم بالتركيز على جوانب استراتيجية أعمق. فيما يلي بعض الطرق التي يُمكن للذكاء الاصطناعي أن يُساعد فيها المحاسبين:
1. أتمتة المهام الروتينية
تُعتبر أتمتة العمليات الروتينية إحدى الفوائد الرئيسية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المحاسبة. تُعد المهام المتكررة مثل إدخال البيانات، معالجة الفواتير، والتسويات المحاسبية من أكثر العمليات التي تُستنزف وقت المحاسبين. يتيح الذكاء الاصطناعي أتمتة هذه المهام، مما يقلل من الوقت والجهد المطلوبين لتنفيذها، بالإضافة إلى تقليل احتمالية الأخطاء البشرية التي قد تنشأ أثناء إدخال البيانات.
2. تحسين الدقة وتقليل الأخطاء
يمكن أن يؤدي الخطأ البشري في المحاسبة إلى عواقب مالية كبيرة، ولهذا السبب تُعد الدقة أمرًا بالغ الأهمية. يساعد الذكاء الاصطناعي في تحسين دقة السجلات المالية من خلال تحليل البيانات والكشف عن الأخطاء المحتملة بسرعة. بفضل خوارزميات التعلم الآلي، يمكن للأنظمة المحاسبية المدعومة بالذكاء الاصطناعي أن تتعلم أنماط البيانات وتكتشف أي خروج عن النمط المعتاد، مما يساعد في تصحيح الأخطاء قبل أن تتسبب في مشاكل أكبر.
3. تحليل البيانات وإعداد التقارير
تُعتبر عملية تحليل البيانات وإعداد التقارير إحدى أهم وظائف المحاسبين، وغالبًا ما تكون معقدة وتحتاج إلى وقت طويل. يساعد الذكاء الاصطناعي في تبسيط هذه العملية من خلال معالجة كميات كبيرة من البيانات بسرعة فائقة واستخلاص المعلومات الهامة منها. يُمكن لهذه التحليلات أن تساعد المحاسبين والمدراء في اتخاذ قرارات أفضل، إذ تُزوِّدهم بتقارير دقيقة وتوقعات مالية مدعومة بالبيانات.
4. الكشف عن الاحتيال وتعزيز الأمان المالي
من التطبيقات المهمة الأخرى للذكاء الاصطناعي في المحاسبة هو الكشف عن الاحتيال. يستخدم الذكاء الاصطناعي خوارزميات التعلم الآلي لتحليل الأنماط المالية والكشف عن أي نشاط غير عادي قد يشير إلى عمليات احتيال. يُمكن أن يشمل ذلك اكتشاف المعاملات المشبوهة أو الأنماط غير المعتادة التي تتطلب تحقيقًا إضافيًا. بفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن تعزيز مستوى الأمان المالي وتقليل المخاطر التي تواجه الشركات.
5. إدارة النقد وتوقع التدفقات المالية
يمكن للذكاء الاصطناعي أيضًا أن يساعد في تحسين إدارة النقد وتوقع التدفقات المالية. من خلال تحليل البيانات التاريخية والأنماط المالية، يُمكن للذكاء الاصطناعي تقديم توقعات دقيقة حول التدفقات النقدية المستقبلية للشركة، مما يساعد في تحسين إدارة السيولة المالية واتخاذ قرارات أكثر استنارة بشأن الإنفاق والاستثمار.
6. تحسين خدمة العملاء والتفاعل مع العملاء
باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل روبوتات الدردشة (Chatbots)، يمكن للشركات المحاسبية تقديم دعم فوري لعملائها. يُمكن لهذه الروبوتات الإجابة على استفسارات العملاء المتكررة بشكل سريع وفعال، مما يُحسن من تجربة العميل ويوفر الوقت للمحاسبين للتركيز على المهام الأكثر تعقيدًا. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات المتعلقة بالعملاء وتقديم توصيات مخصصة لكل عميل بناءً على احتياجاته.
7. تقديم رؤى استباقية واتخاذ قرارات استراتيجية
يمكّن الذكاء الاصطناعي المحاسبين من الانتقال من كونهم مجرد مديري حسابات إلى مستشارين استراتيجيين. من خلال تقديم رؤى استباقية مستندة إلى التحليلات المالية، يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة المحاسبين في تقديم توصيات استراتيجية تساعد الشركات على النمو وتحقيق أهدافها. تعتمد هذه الرؤى على تحليل البيانات الضخمة والتعرف على الاتجاهات التي قد لا تكون واضحة للعين البشرية.
8. تقليل التكاليف وزيادة الكفاءة التشغيلية
من خلال أتمتة العمليات وتحسين الدقة، يُساعد الذكاء الاصطناعي في تقليل التكاليف المرتبطة بالأعمال المحاسبية التقليدية. فعلى سبيل المثال، يمكن تقليل النفقات المتعلقة بإدخال البيانات يدويًا، وتصحيح الأخطاء، والتعامل مع المعاملات المتكررة. هذا يعني أن الشركات يمكنها تحقيق وفورات مالية كبيرة مع تحسين كفاءتها التشغيلية في الوقت ذاته.
9. تحسين الامتثال الضريبي والالتزام باللوائح
يساعد الذكاء الاصطناعي المحاسبين أيضًا في ضمان الامتثال للمتطلبات الضريبية واللوائح المالية المختلفة. يمكن للأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي تحليل البيانات المالية واكتشاف أية مشكلات تتعلق بالامتثال قبل أن تتحول إلى مشكلات قانونية. هذا يساهم في تقليل المخاطر المالية والقانونية التي قد تواجهها الشركات، ويضمن أن تكون جميع العمليات متوافقة مع القوانين المعمول بها.
الخلاصة
إن اعتماد الذكاء الاصطناعي في مجال المحاسبة يمثل نقلة نوعية تساعد الشركات على تحسين كفاءة عملياتها وزيادة دقتها وتقليل الأخطاء، فضلًا عن توفير رؤى استراتيجية تُمكن من اتخاذ قرارات مالية أفضل. من خلال أتمتة المهام الروتينية، وتحسين الدقة، والكشف عن الاحتيال، يقدم الذكاء الاصطناعي حلولًا متكاملة للمحاسبين ليكونوا أكثر فعالية ويسهموا في تحقيق النجاح والنمو لشركاتهم.
في الختام
من السهل أن ننسى أن هذه ليست الموجة الأولى من تسويق الذكاء الاصطناعي، إذ ساعدت تقنيات الرؤية الحاسوبية التي طورها علماء سابقون في فرز قاعدة بيانات ضخمة من الصور للتعرف على الأشياء والوجوه الفردية، والمساعدة في توجيه السيارات ذاتية القيادة، كما أدى التقدم في التعرف على الكلام إلى جعل المساعدين الصوتيين، مثل: Siri و Alexa عنصرًا أساسيًا في حياة العديد من الأشخاص. وأضاف “عندما أطلقنا Siri في عام 2011، كان في تلك المرحلة تطبيق المستهلك الأسرع نموًا والتطبيق الرئيس الوحيد للذكاء الاصطناعي الذي جربه الناس على الإطلاق
بالذكاء الاصطناعي، يمكن للشركات أن تتحول إلى نظم أكثر فعالية؛ لذا كن من قوافل تلك الشركات، واستخدم برنامج قيود الذي يعد أفضل برنامج محاسبة يقدم لعملائه: أنظمة الفاتورة الإلكترونية، وكذلك نظام نقاط البيع، والمخازن، والعملاء… هلم جرًّا.
عزيزي القارئ، بعد أن علمت ما هو الذكاء الاصطناعي؛ جرِّب قيود الآن مجانًا، ولمدة 14 يومًا؛ فهو برنامج محاسبي يسهل لك حياتك العملية.
