اليوم، حتى في أشهر وأكبر المحلات والمطاعم الشعبية التي كانت أجهزتها مليئة بمئات الألوف من النقد يندر أن تجد صرف لورقة الـ 500 ريال، وهو أمر لم يكن متوقعا مطلقا قبل 5 سنوات من الآن.
في ديسمبر الماضي تراجع الكاش المسحوب من أجهزة الصرف 3% إلى 45.5 مليار ريال، مثلت 41% من إنفاق السعوديين والمقيمين.
قال مختص لـ “قيود”: إن هذا التراجع ناتج عن إلزام الحكومة لجميع منافذ البيع بتوفير السداد عن طريق نقاط البيع، وكانت اللحظة الفاصلة هي إلزام محطات الوقود بتوفير الدفع الإلكتروني في منتصف عام 2019، حيث كانت المحطات آخر المنافذ المهمة التي تقتصر تعاملاتها على الكاش منذ ذلك الحين ونرى التراجع ليس في النقد فقط، بل في أجهزة الصرف الآلى وحتى فروع البنوك، وقال متهكما: فرع البنك لا يغلق بسبب نقص السيولة، هو يغلق لأن لا أحد بحاجة لزيارته.
وأضاف: أسهمت الجائحة والقلق من تداول النقد تفاديا للعدوى إلى تعميق هذا الشيء، وتزامن هذا مع تزايد الإقبال على الخدمات الرقمية التي بدأت بالسحب فقط ثم امتدت للإيداع ووصلت لتنفيذ أغلب العمليات الموجود لدي موظفي الفرع.
وقال: يخبرني عدم وجود صرف 500 بشيء بالغ الأهمية وهو أن القناة الإلكترونية للسداد باتت هي العمود الفقري للمدفوعات في السعودية، هذا يفترض أن يغير في شكل التجارة من طريقتها التقليدية المكلفة “الأوف لاين” إلى “الأونلاين”. واستطرد: السداد باستخدام البطاقات لا يوجع مثل الدفع النقدي، حتى في الزمن ومع الحساب وإرجاع الباقي تبدو عملية البيع أكثر واقعية، وهو شيء نفتقده ويفتقده بالأخص كبار السن في الدفع الإلكتروني حين يكون علامة البيع والشراء صوت الصافرة على جهاز نقاط البيع.
وسألنا: هل تعرف ماذا جان جواب مالك أمازون جيف بيزوس حينما سأل عن شيء واحد سيختاره في أي بلد يردي أن يعمل بها ويطور التجارة الالكترونية، وأجاب دون أن حتى أرد، قال بيزوس: أصلح المدفوعات الالكترونية، وبعدها كل شيء سيصلح تلقائيا.
حتى أبريل 2022 كان السحب النقدي أو الدفع باستخدام الكاش متفوقا دائما على السداد الإلكتروني باستخدام نقاط البيع ومنذ ذلك الحين يسجل الدفع النقدي تراجعا شهريا مستمرا.
ووفقا للبيانات السنوية للبنك المركزي السعودي، بلغت عدد فروع المصارف بنهاية العام الماضي نحو 1.9 ألف فرع منخفضة 8% من أعلى رقم وصلته عدد الفروع عام 2019. وبدأ التراجع في 2020 هو العام الذي صادف إلزام جميع أنشطة بيع التجزئة في السعودية بتوفير الدفع الإلكتروني.
وأغلقت البنوك 175 فرعا منذ 2019، التي بدأت معها سلسلة التراجع، فيما كان نصيب العام الماضي نحو 26 فرعا.
أجهزة الصراف الآلي لم تسلم هي الأخرى إذ تراجعت مع تراجع استخدام السعوديين لـ “الكاش”، فخلال 5 سنوات تم إلغاء 3 آلاف جهاز صرف آلي تمثل 16% من الأجهزة المتوفرة الآن. وأظهرت معلومات بنكية أن نحو 83% من مصرفية الأفراد والشركات تستخدم الخدمات الإلكترونية. وهذا يأتي متوافقا مع تراجع السحب من الصرافات لأدنى مستوى منذ 13 عاما (2010) حيث تستمر السحوبات في التراجع وللعام الخامس على التوالي.