في الأسبوع الأول من فبراير زادت السيولة في الاقتصاد السعودي أو ما يسمى بعرض النقود ن3 إلى 2.74 تريليون ريال وهو أعلى مستوى تصل له سيولة الاقتصاد تاريخيا مقابل 2.726 تريليون ريال بنهاية يناير.
ويعرّف “عرض النقود ن3” وفقا للبنك المركزي السعودي بأنه يمثل: النقد المتداول خارج المصارف + الودائع تحت الطلب + الودائع الزمنية والادخارية + الودائع الأخرى شبه النقدية.
هذا الارتفاع في الودائع الادخارية يأتي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وبالتالي في السعودية، حيث يسلك البنك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي السعودي نفس السلوك في رفع الفائدة أو خفضها أو تثبيتها.
بالتزامن مع هذا الارتفاع في السيولة، كسرت الودائع المصرفية وللمرة الأولى حاجز 2.5 تريليون ريال وذلك بتأثير النمو الهائل في الودائع الادخارية بالدرجة الأولى.
ويرتفع الإقبال على الودائع الزمنية والادخارية إثر منح المصارف وحتى صكوك الأفراد الحكومية “صح” عوائد ثابتة للعملاء مقابل ربطها لفترات زمنية مختلفة، حيث ينظر إلى هذه الودائع أنها ذات عائد استثماري ممتاز يصل إلى 5.5% بمخاطر منخفضة جدا.
الجانب الآخر من ارتفاع الفائدة الذي وصل إلى أعلى مستوى له في 22 عاما ظهر على القروض الشخصية الاستهلاكية، إذ كانت أكبر المتأثرين مع تراجعها 1.2% في 2023 مقارنة بعام 2022 وهذا أول انخفاض منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، حيث بدأ الأفراد بالابتعاد عن الاقتراض بسبب الفائدة المرتفعة بعد أن اعتادوا فترة من الزمن على اقتراض بنسبة فائدة تقترب من الصفر مما شجع القروض الشخصية إلى الارتفاع طوال 15 عاما منذ أزمة 2008 العالمية.
بطاقات الائتمان التي تصنف ضمن القروض الشخصية الاستهلاكية ارتفع الإقبال عليها 17% إلى 27 مليار ريال، وقال لـ “قيود” خبير مالي إن الأفراد السعوديين وحتى المقيمين يفضلون بطاقات الائتمان على القروض الشخصية لأن العميل عادة لا يتحمل تكلفة الفائدة إلا عند التعثر عن السداد.
وفقا للمعايير الاقتصادية فإن ارتفاع السيولة سلاح ذو حدين، قد يدل على فرص اقتصادية كبرى ودخول استثمارات محلية وخارجية إلى السوق، وزيادة الإنفاق الحكومي على المشاريع وما يمثله هذا من فرص للقطاع الخاص والصرف على المبادرات الداعمة لرواد الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة ، لكنه يحمل جانبا مظلما إذ أن توفر السيولة لدى الشركات والأفراد قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم مع زيادة الطلب على السلع والخدمات. في الحالة السعودية الأمر يبدو مطمئنا ولا يدعو للقلق، التضخم ما يزال تحت السيطرة.