يقولون إن السوق التجارية لا ترحم، يكفي أن تغفل عن تطوراتها أو تفتقد لمواكبتها حتى ترمي بك إلى الخارج، ولو كان لها أن تجامل شركة لجاملت نوكيا التي وضعت الهاتف الجوال في كل يد، إذ لو عدت بذاكرة جيل ما قبل عام 2000 لأخبرك كل منهم أن أول جوال امتلكه كان على الأغلب من صنع نوكيا، لكن السوق تطورت ونوكيا لم تفعل، ولم تلبث أن غابت عن الأضواء.
الأسبوع الماضي أعلنت لجنة الإفلاس في السعودية بدء إجراء التصفية الإدارية لشركة ألعاب الحسين، ودعت الدائنين إلى تقديم مطالباتهم خلال شهرين، ورفضت اللجنة إجراء التصفية العادية وتوجهت إلى إجراء التصفية الإدارية وهو ما يعني أن الشركة بحكم المفلس فعليا وأن قيمة بيع أصول الشركة لن تكفي أصلا للوفاء بمصروفات التصفية.
ألعاب الحسين اسم عريق في السوق، كان من المفترض أن يكمل العام المقبل 40 سنة، لكن الاقتصاد متغير، لا يعاملك وفق اسمك، بل ينتظر أن تتجدد وتراعي الظروف الجديدة التي طرأت على السوق وما أكثرها، فمن التوسع الكبير في التجارة الإلكترونية التي استحوذت على حصص المتاجر التقليدية، إلى تحول اللاعبين وهم من الجيل “زد“ وما بعده إلى الألعاب الإلكترونية على حساب الألعاب التقليدية أو الحركية.
في قيود حاورنا خبيرا في الشأن الاقتصادي عن الأزمة التي دفعت ألعاب الحسين إلى الإفلاس، وما نقاط الضعف التي يمكن لرواد الأعمال تلافيها لتجنب الوصول إلى الإغلاق أو – لا قدر الله – إلى الإفلاس.
التسعير الخاطئ
قال لقيود: لا خلاف أن الأسعار في ألعاب الحسين أغلى من المحلات المنافسة في السوق، على سبيل المثال في سوق الألعاب الرئيسي بالرياض والواقع في شارع السويلم حيث توجد عشرات متاجر الألعاب جنبا إلى جنب، بإمكانك بكل سهولة ملاحظة أن التسعير مرتفع مقارنة بالمنافسين ما يدل على وجود نظام تسعير خاطئ، وظهر هذا بشكل أكبر مع انتشار مستودعات ألعاب جديدة تبيع بأسعار تنافسية في سوق يعاني أصلا من منافسة المتاجر الإلكترونية.
المتاجر الإلكترونية
وأكمل: كثير من الأسر تفضل الآن الشراء عبر المنصات الرقمية مثل نون وأمازون والتي إضافة إلى أسعارها الأقل وعروضها الدائمة، تتميز بالتنوع واحتواءها على أحدث صيحات الألعاب الجديدة، وهي أيضا تقوم بتوصيل السلع إلى المنزل وبأسعار معقولة، ورغم أن الحسين يمتلك متجرا إلكترونيا لكنه يقع تحت ضغط الأسعار، فهي ميزة ليست في صالحه.
توزيع المواقع
أحد أغرب الأشياء بحسب وصف الخبير الاقتصادي لـ “قيود“ هو توزيع ألعاب الحسين لمواقعها، قال : لك أن تتخيل أن هناك 5 مناطق جغرافية في الرياض، قُطر كل منها لا يتجاوز 2 كيلومتر تضم أكثر من فرعين وأحيانا ثلاثة فروع، التوسع محمود لكن ما الفائدة أن يكون هناك صالتا عرض ضخمة متقابلتين في ذات الشارع، سوى رفع تكلفة التشغيل، وابتلاع أرباح الفروع.
كما أن الشركة تكاد أن تكون غائبة كليا عن التواجد في المجمعات التجارية المزدحمة لا سيما تلك التي تحتوي صالات ألعاب ضخمة يزورها آلاف الأطفال في أيام العطل، إذ أن الوجود في هذا النطاق يضمن الوصول للشريحة المستهدفة بدلا من صالتي عرض متجاورين على طريق واحد.
التغيرات الاجتماعية
جزء من المشكلة تعود للتغيرات الاجتماعية إذ يميل الجيل الحالي من الأطفال والمراهقين إلى الألعاب الجماعية عبر الإنترنت أو تلك الإلكترونية المتقدمة بدلا من الألعاب الحركية والتقليدية، كما أن استخدام هذه الفئة العمرية للهواتف والأجهزة اللوحية أثر بلا شك على القطاع لكن هذه التحديات ممكن مواكبتها من محلات الألعاب عبر وضع منصات لعب إلكترونية داخل المتاجر إضافة إلى توفير الألعاب الحديثة، والسوق يحتمل الابتكار.
هل الأزمة عالمية؟
أجابنا أنها نسبية البعض يعاني والآخر يزدهر، مثلا Toys R Us أشهر شركات الألعاب أعلنت عن افتتاح 17 متجرا جديدا في مايو 2024 داخل مجمعات WHSmith للتجزئة
الشيء الإيجابي أن Toys R Us نفسها سبق أن أفلست في فبراير 2018، وأغلقت جميع متاجرها الـ 100 حول العالم وخسر العاملون فيها أكثر من 2000 وظيفة، قبل أن يتم الإعلان عن خطط إعادة الإطلاق في أكتوبر 2022، وهذا ما نأمل أن نراه يحصل مع ألعاب الحسين.