كل ما تحتاج معرفته عن الضرائب: أنواعها وأسباب فرضها ومن يدفعها؟

تعتبر الضرائب من الموارد الأساسية للحكومات في تمويل ميزانياتها وتوفير الخدمات العامة للمواطنين؛ فهي وسيلة ضرورية لضمان استدامة الأنشطة الخدماتية الحكومية المتنوعة، وتمثل أداة قوية لتحقيق العدالة الاجتماعية وتنظيم الاقتصاد في الدولة. ففي المملكة العربية السعودية مثلًا، تعتبر الضرائب جزءًا مهمًا من النظام المالي، حيث تساهم في تمويل مشاريع التنمية وتقديم الخدمات الأساسية، مثل: الصحة والتعليم. على الرغم من أن النظام الضريبي في السعودية بدأ يتطور بشكل تدريجي في السنوات الأخيرة، إلا أن الحاجة إلى فهم كيفية عمل الضرائب وأنواعها تظل أساسية للمواطنين والشركات على حد سواء.

الضرائب ليست مجرد عبء مالي، بل هي استثمار طويل المدى في تحسين البنية التحتية للبلاد، وجذب الاستثمارات، وتحقيق التوازن الاقتصادي بين مختلف فئات المجتمع. في هذا المقال، سنتعرف على مفهوم الضرائب، أنواعها المختلفة، من هم الأفراد والشركات الذين يدفعونها، ولماذا تفرضها الحكومات.

ما هي الضرائب؟

الضريبة هي مبلغ مالي يتم فرضه من قبل الدولة على الأفراد والشركات بهدف تمويل الأنشطة الحكومية. وعادة ما تُستخدم هذه الأموال لتوفير الخدمات العامة التي تشكل أساسًا لرفاهية المجتمع، مثل: التعليم، الصحة، الطرق، والبنية التحتية.

في المملكة العربية السعودية، فرضت الحكومة الضرائب كجزء من رؤية المملكة 2030 لتوسيع قاعدة الإيرادات الحكومية وتنويع مصادر الدخل بعيدًا عن الاعتماد على النفط.

على سبيل المثال: في المملكة، تم فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% على السلع والخدمات في عام 2018، وتم رفع النسبة إلى 15% في عام 2020 ضمن جهود الحكومة لتوسيع الإيرادات غير النفطية. تمثل هذه الضريبة أحد أبرز الأمثلة على كيفية استخدام الضرائب كأداة لتنويع مصادر الإيرادات وتعزيز الاستدامة المالية.

أنواع الضرائب:

• الضرائب المباشرة:

هي الضرائب التي تُفرض على الدخل أو الممتلكات. في السعودية، تتنوع هذه الضرائب وتطال الأفراد والشركات.

• ضريبة الدخل: تُفرض على الدخل الشخصي أو دخل الشركات. هي من أكثر أنواع الضرائب انتشاراً، حيث تُجمع على الدخل الذي يحصل عليه الأفراد أو الشركات من العمل أو الأنشطة التجارية.
• ضريبة الأملاك: تُفرض على الممتلكات العقارية، مثل: الأراضي والمباني. يُطلب من أصحاب الممتلكات دفع هذه الضريبة بناءً على القيمة السوقية للعقار.
• ضريبة الشركات: تفرضها الحكومات على أرباح الشركات. تختلف النسبة من بلد لآخر حسب السياسات الاقتصادية والضريبية. في السعودية تكون بنسبة 20%.

• الضرائب غير المباشرة:

هي تلك التي يتم فرضها على السلع والخدمات بدلاً من فرضها مباشرة على الدخل. في المملكة، تُعد ضريبة القيمة المضافة من أبرز أنواع الضرائب غير المباشرة.

• ضريبة القيمة المضافة (VAT): هي ضريبة تضاف إلى قيمة السلع والخدمات عند بيعها. يُتوقع من المستهلكين دفع هذه الضريبة عند شراء المنتجات، بينما تجمعها الشركات ثم تقوم بتحويلها إلى الحكومة.

تمثل الضريبة الأكثر شهرة في المملكة، حيث تم تطبيقها على مختلف السلع والخدمات في البلاد. مثلًا: عندما يشتري المستهلك جهازًا إلكترونيًا أو وجبة غذائية في أحد المطاعم، يتم فرض ضريبة قيمة مضافة بنسبة 15%.

• الضرائب التصاعدية:

هي تلك التي تزداد معدلاتها مع زيادة الدخل. في السعودية، لم يتم تطبيق ضريبة دخل فردية بعد، ولكن الحكومة تتبع سياسة تصاعدية في بعض المجالات، مثل: ضريبة العقارات.

• الضرائب التنازلية:

هذا النوع من الضرائب، حيث تزداد المعدلات الضريبية بشكل أقل مع زيادة الدخل، لا يُطبق بشكل مباشر في السعودية، ولكن يمكن العثور عليه في الرسوم المتعلقة ببعض السلع والخدمات التي تحفز المستهلكين على الاستهلاك بشكل معتدل.

• الضرائب الجمركية

تُفرض على السلع المستوردة من الدول الأجنبية، هدفها تنظيم التجارة الدولية وتشجيع الإنتاج المحلي من خلال رفع أسعار السلع المستوردة وفرض ضرائب جمركية عليها.

• الضرائب البيئية

تُفرض بهدف حماية البيئة وتقليل التلوث الناجم عن المصانع والشركات وغيرها من المنشآت. تشمل الضرائب على الانبعاثات الغازية أو استخدام الموارد الطبيعية بشكل مفرط.

من يدفع الضرائب؟

• الأفراد: هي الضريبة التي تفرض على دخل الأشخاص أو ممتلكاتهم. في المملكة السعودية، لا تُفرض ضرائب دخل على الأفراد بشكل عام، ولكن ضريبة القيمة المضافة تُفرض على كل من يستهلك السلع والخدمات، مما يجعل كل الأفراد، بما في ذلك السعوديين والمقيمين، يدفعون هذه الضريبة.

• الشركات: وهي ضرائب تدفعها الشركات على أربحها. الشركات المحلية والدولية التي تعمل في المملكة تخضع لضرائب على أرباحها، وتُفرض ضريبة الشركات بنسبة 20% على الأرباح الصافية.

مثلًا: شركة أرامكو السعودية، إحدى أكبر شركات النفط في العالم، تخضع للضريبة على أرباحها في السعودية. كذلك، الشركات الصغيرة والمتوسطة تخضع لنفس النظام الضريبي في المملكة.

• السلطات المحلية: وهي فرض للضرائب على قطاعات خاصة داخل المؤسسات الحكومية نفسها. على الرغم من أن الحكومة المركزية في السعودية هي التي تفرض الضرائب، إلا أن السلطات المحلية في بعض المدن قد تفرض رسومًا إضافية، مثل: رسوم تراخيص الأعمال أو رسوم خدمات محلية، لكنها لا تعتبر ضرائب مباشرة مثل تلك التي تفرضها الحكومة المركزية.

لماذا تفرض الضرائب؟

تنبع أهمية الضرائب من كونها تفرض لأغراض وطنية ومحلية واجتماعية متعددة وتمنح المواطن شعور بقيمته لدى الدولة، وتعطي الدولة قيمتها كمسؤول عن الأمن والرفاه وتوفير الخدمات لمواطنيها، نعدد مهامها على النحو التالي:

• تمويل الخدمات العامة: أحد الأسباب الرئيسية لفرض الضرائب هو تمويل الخدمات العامة التي تعتمد عليها الدولة والمواطنون في شتى مناحي الحياة العامة للدولة.

في السعودية، تم استخدام الإيرادات الضريبية لتمويل العديد من المشاريع التنموية الكبرى، مثل: تطوير البنية التحتية، مدارس جديدة، مستشفيات، وغيرها من الخدمات التي تساهم في تحسين جودة الحياة.

• تحقيق العدالة الاجتماعية: الضرائب يمكن أن تكون أداة لتحقيق العدالة الاجتماعية. من خلال الضرائب التصاعدية، يتم فرض ضرائب أعلى على الأفراد والشركات ذات الدخل المرتفع مقارنةً بأولئك الذين لديهم دخل أقل.

في السعودية، رغم أن الضرائب المباشرة على الدخل غير موجودة للأفراد، فإن ضريبة القيمة المضافة تعتبر وسيلة لتحقيق بعض العدالة الاجتماعية، إذ تُفرض على كل الأفراد بغض النظر عن دخلهم.

• تحفيز أو تثبيط سلوكيات معينة: الضرائب يمكن أن تؤثر على سلوك الأفراد والشركات.

في السعودية فرضت ضرائب على التبغ والمشروبات الغازية كجزء من حملتها لتحفيز المواطنين على التقليل من استهلاك هذه المنتجات الضارة.

• تنظيم الأسواق وتحقيق التوازن الاقتصادي: الضرائب تساهم في تنظيم الأسواق وتوفير استقرار اقتصادي.

في السعودية، تم استخدام النظام الضريبي كأداة لضبط أسعار السلع المستوردة والمحلية، مما يساعد في التحكم في التضخم وتحقيق التوازن بين العرض والطلب.

التحديات المتعلقة بالضرائب

• التهرب الضريبي: يعتبر التهرب الضريبي أحد أكبر التحديات التي تواجه الحكومات في جمع الضرائب، تتخذ بعض الشركات والأفراد إجراءات لتجنب دفع الضرائب المقررة، مما يقلل من الإيرادات الحكومية، وهي بذلك تقع في خطر التهرب الضريبي.

• عدم العدالة الضريبية: قد يشعر بعض الأفراد أو الشركات بأن النظام الضريبي غير عادل، خاصة إذا كانت الضرائب المفروضة عليهم لا تتناسب مع دخلهم أو حجم أعمالهم، هذا يمكن أن يؤدي إلى مشاعر الاستياء وتراجع التعاون مع الحكومة.

• الأثر على النمو الاقتصادي: بعض أنواع الضرائب قد تؤثر سلبًا على نمو الاقتصاد، خاصة عندما تكون معدلات الضرائب مرتفعة للغاية على الشركات أو الأفراد. قد يؤدي ذلك إلى تقليل الاستثمار أو دفع الشركات إلى مغادرة السوق المحلي.

تأثير الضرائب:

أرفقنا هنا جدولًا يوضح كيفية تأثير الضرائب على الأفراد، الشركات، القطاع الاقتصادي العام وحتى تأثيرها الاجتماعي، السعودية كمثال. تابع الجدول التالي:

اقراء أيضا : أنواع الضرائب في السعودية

ضريبة الدخل في السعودية: ما هي وكيفية حسابها؟

الخاتمة

في الختام، تعرفنا على أن الضرائب تعد أحد الأعمدة الأساسية التي يعتمد عليها النظام الاقتصادي في أي دولة. من خلال الضرائب، يمكن تمويل الخدمات العامة، تحفيز الأنشطة الاقتصادية، وتحقيق العدالة الاجتماعية. على الرغم من أن النظام الضريبي في السعودية لا يتضمن ضريبة دخل فردية، إلا أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات يمثل خطوة هامة نحو تعزيز الاستدامة المالية وتوسيع قاعدة الإيرادات الحكومية. كما أن فرض الضرائب على الشركات يعكس سعي الدولة لتوجيه الاقتصاد نحو التنوع والنمو بعيدًا عن النفط.

إذن! فــ الضرائب ليست اختيارية؛ إنها التزام قانوني؛ في حالة عدم دفع الضرائب، قد تواجه الأفراد والشركات غرامات أو إجراءات قانونية. كما أن الضرائب تعتبر أداة مهمة لإعادة توزيع الثروة وتخفيف التفاوتات الاقتصادية بين مختلف فئات المجتمع.

انضموا إلى مجتمعنا الملهم! اشتركوا في صفحتنا على لينكد إن وتويتر لتكونوا أول من يطلع على أحدث المقالات والتحديثات. فرصة للتعلم والتطوير في عالم  الإدارة و المحاسبة والتمويل. لا تفوتوا الفرصة، انضموا اليوم!