كم كان غريبا ما نشرته بزنس إنسايدر عن أن الأمريكيين قرروا أن يكون 2024 هو ثاني أكثر عام يدخرون فيهم أموالهم، ولم يكن العام الأول بعيدا فهو في 2023.
محللو الذراع الاستثماري لبنك أمريكا وجد أنه على مدى العامين الماضيين، رفع أكثر من نصف الفئة العمرية بين الـ 20 و 40 عاما مقدار ما يملكونه من الأموال النقدية، في فترة كانت سوق الأسهم تسجل أفضل أداء لها على الإطلاق فما الذي يدفع نحو هذا السلوك؟ وكيف نرى في «قيود» المقاربة بين الحالة السعودية والأمريكية
المستثمر لدغ من جحر مرتين.. في 2008 و 2020
يرى الخبراء أن هذا الجيل مر بأزمات اقتصادية كبرى جعلته لا يثق بسوق الأسهم، وإن كان هذا يمثل المجتمع الأمريكي فنحن في «قيود» نرى أن هذا ينطبق تماما على السوق السعودي.
في الحديث النبوي الشريف «لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين» ، أما المستثمر فقد لدغ مرتين.
كانت اللدغة الأولى التي تجعل هذا الجيل يثق بالكاش في دولاب منزله أكثر من ثقته بشركة مدرجة في تاسي أو ناسداك هي أزمة 2008 والتي أضرت العالم أجمع ولم ترحم السوق السعودي الذي كان بالفعل قد تضرر بشدة في أزمة السوق الشهيرة في فبراير 2006 حين هوى من ارتفاع 20 ألف نقطة، ليتراجع مرة أخرى بعد أزمة الرهن العقاري في 2008 ويصل إلى 4432 نقطة.. يا لها من خسارة!
الثانية، حين أصيب المستثمرون بأزمة مفاجئة وقاسية، وضبابية جدا وهي الجائحة ، فقد السوق السعودي نحو 20% من قيمته خلال شهر فقط، تعلقت الأموال والآمال أيضا، ولم تكن كل أسواق العالم وحتى متاجره الصغيرة والكبيرة بمنأى عن هذه الأزمة.
يرى هذا الجيل نفسه إما متضررا مباشرا من هذه الأزمات أو شاهدا عيانا عليها، فهو إما متعظ أو معتبر، وهو لا يريد أن يكون الشخص الذي لدغ من جحر ثلاث مرات.
فرض ذهبية يضيعها الادخار
لكن في المقابل، تقول بزنس إنسايدر المتخصصة في المال والأعمال : الجيل الشاب يحمي نفسه جيدا لكن هذا الميل للادخار، والحذر من دخول عالم الاستثمار يجعلهم يخسرون على المدى البعيد ويضيعون فرصة ذهبية للاستثمار في الأعمال أو الأسواق.
على سبيل المثال، في السنوات التي أعقبت الجائحة شهدت السوق السعودي بصفتها ممثلا للشركات السعودية ارتفاعا من 6200 نقطة إلى 12 ألف نقطة حاليا أي أنها حققت مكاسب بنحو 100% إجمالا، ومثل هذا تقريبا في السوق الأمريكي الذي ارتفع من 19 ألف نقطة في مارس 2020 إلى 42 ألف نقطة حاليا.
لا ينطبق هذا على الاستثمار في سوق الأسهم فحسب، بل يسري على الاستثمار المباشر في الأعمال والشركات وعلى بدء المشاريع الجديدة، ففي النهاية تعد سوق الأسهم مرآة للاقتصاد وللشركات الكبرى فيه.
في 2024، حين كانت 20% من أصول الجيل الشاب (20-40 عاما) أصولا نقدية، كانت السوق تحقق أطول موجات ارتفاع لسوق الأسهم في التاريخ، وأعطت المؤشرات عائد سنويا يصل إلى 11.5% لكن العالم مضطرب وفي الحالة الخليجية نحن نقبع وسط منطقة مشتعلة مرهونة بالنفط، المرهون هو الآخر لعوامل خارجية لا سيطرة لأحد عليها مثل النمو الصيني أو مخزونات الخام الأمريكية.
أين ترى نفسك بين الإثنين؟
في قيود عرضنا لكم الحالة بسلبياتها وإيجابياتها، لا نقول إن ادخار النقد أفضل، فهو معرض للتناقص بسبب الزكاة وبسبب التضخم السنوي، حاسبة التضخم تقول إن ما كان يمكن شراؤه بـ 1000 دولار في 2014 أصبح يحتاج إلى 1331 دولارا اليوم، أي أن معدل التضخم التراكمي بلغ 31%.. ويؤدي الادخار المبالغ فيه إلى فقدان الفرص الاستثمارية وتآكل القوة الشرائية، وربما إلى زيادة الشعور بالحرمان، مثل تقييد الحياة الاجتماعية والتجارب الحياتية.
على الجانب الآخر، فهو بلا شك يخلق حالة من الأمان المالي لتغطية الطوارئ ويقلل من الحاجة إلى الاعتماد على القروض، ويساعد في تحقيق الاستقلال المالي مثل شراء منزل أو بدء مشروع جديد، أو حتى تحقيق الأهداف قصيرة الأجل مثل شراء سيارة أو السفر، والرأي لك!