أثناء رحلة بحث لشراء أرضيات سيراميك لاحظت أن أحد أشهر معارض الرخام والسيراميك في شرق الرياض أغلق أبوابه وتدور أعمال بناء حديثة في المكان الذي كان يشغله.
تربطني صلة جيدة بالبائع في المعرض توقعت أن يكون قد انتقل إلى مكان آخر في نفس الحي واتصلت به هاتفيا ليخبرني أن صاحب العمل قرر إغلاق النشاط بالكامل بعد ان رفع المالك الإيجار عليه من 50 ألف سنويا إلى 140 ألف ريال وهو مبلغ كبير قياسا على مساحة المحل وشعبية الحي.
أضاف: الإيجار مبالغ فيه ولكن مستثمرا اسـتأجر الأرض لمدة 10 سنوات ليقيم عليها عمارة سكنية للتأجير اليومي عبر تطبيقات مثل “جذر إن” و “بوكينج” وغيرها وهو واثق إنها سيسترد استثماره مضاعفا.
ارتفاع الإيجارات كان حديث الشارع العاصمي خصوصا طوال الأشهر الماضية وأعقب سلسلة من الإغلاقات لمحلات وعلامات تجارية كبرى بعضها عالمي وكان المتهم الأول فيها هو الرفع المبالغ فيه لأسعار إيجارات المحال التجارية.
واحدة من أشهر القصص كان بطلها مقهى مشهور في شارع أنس بن مالك أحد أشهر الشوارع التجارية والحيوية شمال الرياض، قال فيها صاحب المشروع أن تكلفة الإيجار ارتفعت عليه من 500 ألف ريال سنويا إلى 750 ألف ريال.
نصح صاحب المشروع رواد الأعمال بالحذر من استئجار مساحات كبيرة مكلفة، وقال: لا تتجاوز مساحة مشروعك أكثر من 100 متر مربع واعمل على تنويع منتجاتك، فالاعتماد على كوب القهوة فقط على مساحة كبيرة يعد خسارة.
قال لنا مختص إن ارتفاع أسعار الإيجارات التجارية يأتي لأسباب عدة: أولها الزخم الاقتصادي الذي تشهده العاصمة ولا تخطئه العين، إضافة إلى أن الإيجارات التجارية لاحقت نظيراتها السكنية التي ارتفعت بشكل جنوني خلال هذا العام.
وأوضح أن ارتفاع إيجارات المساكن يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على أسعار إيجارات المحلات التجارية، لا يمكن فصل هذا الترابط الوثيق بين الأسواق السكنية والتجارية، وفسر قائلا: ارتفاع الإيجارات غالبًا يدل على زيادة في الطلب على المساكن، ما يعني أن المزيد من الأفراد والعائلات تنتقل إلى المنطقة، هذا التدفق السكاني يزيد من الحاجة إلى السلع والخدمات، ما يجعل المنطقة نفسها جذابة للتجار الذين يسعون للاستفادة من زيادة عدد العملاء.
علاوة على ذلك، مع زيادة عدد السكان، تزداد الحاجة إلى خدمات جديدة ومتنوعة، ما يؤدي إلى ارتفاع الطلب على المحلات التجارية. وفي ظل هذا الطلب المتزايد، قد يرفع أصحاب العقارات إيجارات المحلات لتناسب الظروف الاقتصادية الجديدة.
أما لماذا ارتفعت الإيجارات السكنية؟ فكان جوابه أن كثيرا من الشقق التي تؤجر سنوية تحولت إلى شقق تؤجر باليومية، صحيح أن التشغيل أكثر كلفة لكن المردود أعلى بكثير، وهذا أدى إلى نقص في المعروض من الشقق المخصصة للتأجير السنوي ودفع الأسعار لقفزات جنونية.
تحققنا بدورنا في «قيود» من موقع Gathern أشهر موقع لتأجير الشقق اليومية في الرياض، ظهرت لنا نحو 10160 نتيجة عند البحث عن سكن يومي وهو رقم ضخم.
وختم كلامه لـ قيود: هذا النشاط أسهم برفع الإيجارات السكنية التي أثرت بدورها على التجارية، ناهيك أن المستثمرين يتجهون إلى رفع إيجارات المحلات التجارية استنادًا إلى التوقعات المستقبلية للنمو الاقتصادي، عندما يرون ارتفاع أسعار المساكن، قد يفسرون ذلك على أنه علامة على جدوى الاستثمار في تلك المنطقة، ما يدفعهم لزيادة إيجارات المحلات التجارية لتحقيق عوائد أعلى.