من الخطأ جدا الاعتقاد بأن العملاء يبحثون دائما عن الأرخص، هذه الفرضية يمكن نفيها بمثالين لا تتم فيهما المقارنة بين شيء غالي وآخر رخيص، بل بين شيء غالي وآخر مجاني.
المثال الأول ذهابك لاستشاري كبير ومتخصص في مستشفى خاص في حال الإصابة بعارض صحي جدي بدلا من الذهاب إلى مستشفى حكومي أو مركز صحي يضم أطباء عاديين. المثال الثاني أشد وضوحا، يتمثل باختيار الآباء إرسال أبناءهم إلى المدارس العالمية ذات التكلفة الباهظة رغم توفر مدارس حكومية مجانية.
في كلا المثالين لا يبحث العميل عن الأرخص، بل يتجه لاختيار الأفضل ولو كان أشد كلفة – طبعا إذا كان يستطيع تحمل التكلفة – ويؤكد خبراء المبيعات أن العميل عادة لا يختار أرخص ما يستطيع الحصول عليه، بل يختار أفضل ما يستطيع الحصول عليه في حدود الإمكانات المادية المتاحة.
قال خبير في المبيعات استطلعت “قيود” رأيه: يؤمن العميل أن المنتجات والخدمات الرخيصة أو المجانية يتم دفع قيمتها بشكل غير مباشر، مثلا مقابل هذه القيمة المنخفضة يضطر العميل للانتظار لساعات وربما أيام في مستشفى عام مقابل الحصول على موعد، هو قام بدفع الثمن بشكل غير مباشر على شكل تأخير وانتظار، أو عبر إمكانيات محدودة أو غير موجودة.
وأضاف: يجب أن يفهم صاحب العمل التجاري أنه لا يمكن أن يكون عملاءه هم الجميع، استهداف شريحة مناسبة هي السياسة الأنجح لأي مشروع، وهناك 4 عوامل إذا استطاع رائد الأعمال تحقيق أي منها للعميل فهو يجبره على ترك المفاضلة على أساس السعر.
الأول هو طبيعة العميل، يختار العميل المنتج من مكان مناسب له شخصيا للحافظ على صورته مثلا، فهو يفضل شراء احتياجاته من محل كبير أو مول بدلا من شراء نفس البضاعة من كشك على ناصية الشارع ولو كان بقيمة أقل، أي أنه في هذه الحالة يختار الأفضل له بدلا من الأرخص.
العامل الثاني هو قيمتك أنت كمحل أو كبائع فسمعة المحل وصورته في السوق تقود العملاء له، وهو ما ينطبق على مثال الاستشاري، فالعميل ليس مستعدا لدفع قيمة أعلى وحسب، بل للانتظار لأيام للحصول على موعد، وهو ما ينطبق أيضا على المطاعم، فمطعم متميز بجلسات فاخرة يستقطب العملاء من أماكن بعيدة وهم مستعدون للدفع أكثر والانتظار مقابل الحصول على التجربة.
العامل الثالث هو المكان: يترك الناس مقاهي كثيرة للشراء من ستاربكس مقابل الحصول على التميز والتجربة والصورة الذهنية. أما الرابع: فهو ألا تسمح للعميل بمقارنة تفاحة بتفاحة، لا تجعل نفسك في مقارنة مع المنافسين، ويتم هذا عبر رفع جودة المنتج والتصنيع وخدمة أثناء وما بعد البيع. هذه العوامل المتميزة لا تسمح للعميل بمقارنة السلع لديك أو الخدمة بشيء مشابه في مكان آخر. وإذا لم تستطيع التميز في أي من هذه العوامل الأربعة سيظل هناك عامل وحيد يتحكم في سلوك العميل، وهو السعر.